الْأَمر كَذَلِك إِذا لم يحصل الْعلم، وَأما إِذا حصل من غير مُوجب يَقْتَضِيهِ حتما حكمنَا بِصِحَّتِهِ لحُصُول الْمَقْصُود وأثمناه لتَقْصِيره فِي تَحْصِيله على وَجه لَا يَزُول بتشكيك المشكك (وبالنظر) أَي نظر الْمُقَلّد فِيمَا يُوجب الْعلم بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته (لَو تحقق يرفع التَّقْلِيد) لِأَن التَّقْلِيد إِنَّمَا هُوَ الْعَمَل بقول الْغَيْر من غير حجَّة، وَقد تحقق الْحجَّة بِالنّظرِ الْمَذْكُور: فعلى هَذَا أَكثر الْعَوام لَيْسُوا بمقلدين فِي الْإِيمَان لأَنهم علمُوا بِالنّظرِ، وَإِن عجزوا عَن تَرْتِيب الْمُقدمَات على طَريقَة أهل الْعلم كَمَا عرف (وَلِأَنَّهُ) مَعْطُوف على قَوْله لَا مَكَان كذبه (لَو حصل) الْعلم بالتقليد (لزم النقيضان بتقليد اثْنَتَيْنِ) اثْنَيْنِ (فِي حُدُوث الْعَالم وَقدمه) بِأَن يحصل لزيد الْعلم بحدوثه تقليدا للقائل بِهِ ولعمرو الْعلم بقدمه تَقْلِيد الْقَائِل بِهِ، إِذْ الْعلم يستدعى الْمُطَابقَة فَيلْزم حقية الْحُدُوث والقدم. قَالَ (المجوز) للتقليد فِي الْعَقْلِيَّة (لَو وَجب النّظر) فِيهَا (لفعله) أَي النّظر (الصَّحَابَة وَأمرُوا بِهِ) مَعْطُوف على فعله، فَإِنَّهُم لَا يتركون الْوَاجِب (وَهُوَ) أَي كل وَاحِد من الْفِعْل وَالْأَمر (مُنْتَفٍ) عَنْهُم خُصُوصا عَن عوامهم (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن ذَلِك منتفيا بِأَن وجد مِنْهُم (لنقل) إِلَيْنَا (كَمَا) نقل عَنْهُم النّظر (فِي الْفُرُوع) فَلَمَّا لم ينْقل عَنْهُم علم أَنه لم يَقع (الْجَواب منع انْتِفَاء التَّالِي) أَي عدم فعلهم وَأمرهمْ وَإِلَّا لزم جهلهم بِاللَّه تَعَالَى، لِأَن الْعلم بِهِ لَيْسَ بضروري (بل علمهمْ و) علم (عَامَّة الْعَوام) فِي زمانهم كَانَ ناشئا (عَن النّظر إِلَّا أَنه) أَي النّظر والبحث (لم يدر بَينهم) دورانا ظَاهرا كَمَا بَينا (لظُهُوره) أَي النّظر ومادته عِنْدهم لصفاء قُلُوبهم بمشاهدة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. ونزول الْوَحْي، وبركة الصُّحْبَة وَالتَّقوى (ونيله بِأَدْنَى الْتِفَات إِلَى الْحَوَادِث) الدَّالَّة على وجود الْمُحدث الْقَدِيم، وحياته، وَعلمه، وَقدرته إِلَى غير ذَلِك كوحدته بِاعْتِبَار نظامها المستمر بِلَا خلل (وَلَيْسَ المُرَاد) من النّظر الْوَاجِب (تحريره) أَي تَقْرِيره وتقويمه (على) طبق (قَوَاعِد الْمنطق) كالقياس الاقتراني المنقسم إِلَى الأشكال الْأَرْبَعَة والاستثنائي بأقسامه (وَمن أصغى) أَي أمال سامعته (إِلَى عوام الْأَسْوَاق امْتَلَأَ سَمعه من استدلالهم بالحوادث) على مَا ذكر (والمقلد الْمَفْرُوض) أَي الْقَائِل بقول الْغَيْر من غير حجَّة فِي الْإِيمَان بِأَن يصدق بِاللَّه وَصِفَاته بِمُجَرَّد السماع من غير أَن يخْطر بِبَالِهِ مَا يدل عَلَيْهِ من الْآيَات (لَا يكَاد يُوجد، فَإِنَّهُ قل أَن يسمع من لم ينْقل ذهنه قطّ من الْحَوَادِث إِلَى موجدها وَلم يخْطر لَهُ الموجد) أَي لم يخْطر بِبَالِهِ الموجد عِنْد مُشَاهدَة الْحَوَادِث، فَقَوله وَلم يخْطر عطف تفسيري لقَوْله من لم ينْتَقل (أَو خطر) لَهُ الموجد (فَشك فِيهِ) أَي فِي وجوده مَعْطُوف على لم يخْطر فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة مُقَابل بقوله من لم ينْتَقل (من يَقُول لهَذِهِ الموجودات: رب أوجدها متصف بِالْعلمِ بِكُل شَيْء وَالْقُدْرَة الخ) أَي آخر مَا يُؤمن بِهِ من الصِّفَات الْمَوْصُول الأول فَاعل يسمع، وَالثَّانِي مَفْعُوله (فيعتقد)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute