للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يُوجد هتك الْحِرْز، وَفِي الثَّانِي الرِّبَاط من دَاخل يتَحَقَّق الْأَخْذ من الْحِرْز وَهُوَ الْكمّ، وَلَو كَانَ مَكَان الطر حل الرِّبَاط ثمَّ الْأَخْذ فِي الْوَجْهَيْنِ ينعكس الْجَواب (والنباش) مَعْطُوف على الطرار أَي وَإِن الِاخْتِصَاص فِي النباش (لنَقص) فِي منَاط الحكم لعدم الْحِرْز، وَعدم الْحَافِظ، وقصور الْمَالِيَّة لِأَن المَال مَا يرغب فِيهِ، والكفن ينفر عَنهُ، وَعدم المملوكية لأحد، لِأَن الْمَيِّت لَيْسَ بِأَهْل للْملك وَالْوَارِث لَا يملك من التَّرِكَة إِلَّا مَا يفضل عَن حَاجَة الْمَيِّت (فَلَا) يجب فِيهِ حد السّرقَة، وَلِأَن شرع الْحَد للانزجار، وَالْحَاجة إِلَيْهِ عِنْد كَثْرَة وجوده، والنبش نَادِر، والانزجار حَاصِل طبعا، وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى، خلافًا لأبي يُوسُف، وَالْأَئِمَّة الثَّلَاثَة، وَقَول أبي حنيفَة، قَول ابْن عَبَّاس وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَكْحُول وَالزهْرِيّ، وَقَوْلهمْ مَذْهَب عمر وَابْن مَسْعُود وَعَائِشَة وَالْحسن وَأبي ثَوْر ثمَّ الْكَفَن للْوَارِث عِنْدهم، فَهُوَ الْخصم فِي الْقطع وَإِن كَفنه أَجْنَبِي فَهُوَ الْخصم (وَمَا) أَي اللَّفْظ الَّذِي كَانَ خفاؤه (لتَعَدد الْمعَانِي الاستعمالية) أَي الَّتِي تسْتَعْمل فِي كل مِنْهَا (مَعَ الْعلم بالاشتراك) أَي بِكَوْن اللَّفْظ مَوْضُوعا لكل مِنْهَا بِوَضْع على حِدة (وَلَا معِين) أَي وَلم يكن هُنَاكَ قرينَة مُعينَة للمراد (أَو تجويزها مجازية) مَعْطُوف على الْعلم، وَلَا شكّ أَن تَجْوِيز كَون كل من الْمعَانِي الاستعمالية مرَادا من اللَّفْظ مجَازًا إِنَّمَا يتَحَقَّق إِذا صرف صَارف عَن إِرَادَة مَا وضع لَهُ، وَكَانَ الْمقَام صَالحا لإِرَادَة كل مِنْهَا، وَلم يكن مَا يعين وَاحِدًا مِنْهَا، وَقَوله مجازية مَنْصُوب على أَنه مفعول ثَان للتجويز لتَضَمّنه معِين التصيير (أَو بَعْضهَا) مَعْطُوف على الضَّمِير الْمَجْرُور، وَذَلِكَ بِأَن يزدحم معَان استعمالية بَعْضهَا حَقِيقِيَّة وَبَعضهَا مجازية بِحَسب التجويز، وَهُوَ إِنَّمَا يتَصَوَّر إِذا كَانَ الْمقَام صَالحا لإِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، والمجازي بِأَن لم يكن الصَّارِف عَن الْحَقِيقِيّ قَاطعا فِي الصّرْف وَإِلَّا يتَعَيَّن الْمجَازِي (إِلَى تَأمل) غَايَة للخفاء فِي هَذَا الْقسم، وَقد مر أَن الْعقل يدْرك المُرَاد فِيهِ بعد التَّأَمُّل، وَإِنَّمَا قيد تعدد الْمعَانِي الْمُوجب للخفاء بِالْعلمِ بالاشتراك أَو التجويز الْمَذْكُور، لِأَن تعدد الْمعَانِي لاستعماله من غير أَن يعلم السَّامع اشتراكها أَو تجوزها مجازية أَو بَعْضهَا لَا يتَصَوَّر، لِأَن شَرط الِاسْتِعْمَال فِي الْمَعْنى أَن يكون مَوْضُوعا لَهُ، أَو يكون بَينه وَبَين الْمَوْضُوع لَهُ علاقَة من أَنْوَاع العلاقات الْمُعْتَبرَة فِي المجازات، وَقد علمت أَن مُجَرّد التَّعَدُّد لَا يَكْفِي، بل لَا بُد أَن يكون الْمقَام بِحَيْثُ يحْتَمل كلا مِنْهَا (مُشكل) خبر الْمَوْصُول، من أشكل عَلَيْهِ الْأَمر إِذا دخل فِي أشكاله وَأَمْثَاله، بِحَيْثُ لَا يعرف إِلَّا بِدَلِيل يتَمَيَّز بِهِ (وَلَا يُبَالِي بصدقه) أَي الْمُشكل (على الْمُشْتَرك) كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي أثْنَاء التَّعْرِيف (كَأَنِّي فِي) قَوْله تَعَالَى - {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ} - (أَنى شِئْتُم) قَالَه مُشكل لخفا مَعْنَاهُ لاشتراكه بَين معَان يسْتَعْمل فِي كل مِنْهَا، قَالَ الرضي:

<<  <  ج: ص:  >  >>