للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنى لها ثلاث معان استفهامية كانت أو شرطية: أحدها أين ولابد حينئذ أن تستعمل مع من، أما ظاهرة نحو من أين عشرون لنا من أنى، أو مقدرة نحو أني لك هذا: أي من أين لك، ولا يقال أني زيد، بمعنى أين زيد، وتجيء بمعنى كيف نحو - أي تؤفكون - وتجيء بمعنى متى، وقد أول قوله تعالى - أنى شئتم - على الأوجه الثلاثة، واقتصر المصنف رحمه الله على ذكر معنيين لحصول ما هو بصدده بهما، فقال (لاستعماله كأين وكيف) كقوله تعالى - أني يحيى هذه الله بعد موتها - (إلى أن تؤمل) في طلب المراد منه على صيغة المجهول، من باب التفعيل غاية للإشكال المحكوم به على أني (فظهر) أن المراد هو (الثاني) أي معنى كيف (بقرينة الحرث وتحريم الأذى)، فإن الأول يدل على أن المأتي إنما هو محل الحرث دون غيره، فلا سبيل إلى أن يراد جواز الاتيان من أي مكان شاء من الطريقين، على أن يكون المعنى من أين شئتم، والثاني وهو تحريم قربان المحيض بعلة الأذى والاستقذار المؤذي من يقرب نفرة منه موجود في الاتيان في الدبر على الأوجه الأتم، فتعين أن المراد بيان ما يفهم جواز الاتيان باعتبار الكيفية، ردا على اليهود، على ما روي أنهم كانوا يقولون: إن من جامع امرأته من دبرها في قبلها كان كان ولده أحول، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت (وما) أي اللفظ الذي خفاؤه بالتأمل (كمشترك) لفظي (تعذر ترجيحه) أي ترجيح بعض معانيه للإرادة (كوصية لمواليه) أي كلفظ الموالي المشترك بين المعتقين، والمعتقين في وصية من أوصى لمواليه، وهو معتق جمع، ومعتق جمع آخرين، فإنه حينئذ لا يعرف مراده بدون البيان، كما أشار إليه بقوله (حتى بطلت) الوصية (فيمن له الجهتان) أي في وصية من له جهة المعتقين والمعتقين، فإنه لا يرجى البيان بعد موت الموصى، وهذا ظاهر الرواية، وعن محمد إلا أن يصلطحا على أن يكون الموصى به بينهما، فإنه يجوز كذلك، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله جوازها، ويكون للفريقين (أو ابهام متكلم) عطف على المجرور في صلة الموصول، أي واللفظ: أي خفاؤه، لأنه أبهم متكلم على المخاطب مراده (بـ) ـسبب (وضعه) ذلك اللفظ (لغير ما عرف) من إرادته عند الإطلاق (كالأسماء الشرعية من الصلاة والزكاة والربا) الموضوعة لمعانيها الشرعية التي هي غير معانيها المعروفة قبل الوضع الشرعي، فإن الشارع لما استعملها ابتداء فيما وضعها بازائه أبهمها باعتبار ما أراد منها قبل علمهم بالوضع الثاني، وأحوجها إلى التفسير، فكأن فائدة الخطاب الإيمان بموجب ما أراد بها إجمالا، وطلب البيان، والاستفسار (مجمل) من أجمل الحساب رده إلى الجملة، أو الأمر أبهمه، وهو أخفى من المشكل لعدم امكان الوقوف عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>