(بِتَحْرِيم السبت) أَي الْعَمَل الدنيوي كالاصطياد فِيهِ فِي شَرِيعَته عَلَيْهِ السَّلَام (بعد إِبَاحَته) قبل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام (وَوُجُوب الْخِتَان عِنْدهم) أَي الْيَهُود (يَوْم الْولادَة) وَقيل فِي ثامن يَوْمهَا (بعد إِبَاحَته فِي مِلَّة يَعْقُوب) أَو فِي شَرِيعَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَي وَقت أَرَادَ الْمُكَلف فِي الصغر وَالْكبر، وَإِبَاحَة الْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ فِي شَرِيعَة يَعْقُوب، وبتحريمه عِنْد الْيَهُود (فَيدْفَع بِأَن رفع الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة لَيْسَ نسخا) وَإِبَاحَة هَذِه الْأُمُور كَانَت بِالْأَصْلِ فَلَا يكون رَفعهَا نسخا (واحكم بِالْإِبَاحَةِ وَإِن كَانَ حكما بتحقق كَلمته النفسية) وَهُوَ مَضْمُون أَنه مُبَاح وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى - {وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين} - أَي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَهُوَ مَا فِيهِ كَلِمَاته الدَّالَّة على كَلمته النفسية (وَهِي) أَي كَلمته النفسية (الحكم) بِمَعْنى خطاب الله الْمُتَعَلّق بِفعل الْمُكَلف (لَكِن) الحكم (الشَّرْعِيّ أخص مِنْهُ) أَي من الحكم بِمَعْنى الْخطاب الْمَذْكُور، وَقَالَ الشَّارِح أَي من الحكم بِالْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّة (وَهُوَ) أَي الحكم الشَّرْعِيّ (مَا علق بِهِ خطاب) أَي خطابه تَعَالَى (فِي شَرِيعَة) من الشَّرَائِع أَرَادَ بالحكم هَهُنَا مُتَعَلق الحكم بِمَعْنى الْخطاب، وَهُوَ كَيْفيَّة فعل الْمُكَلف من وجوب أَو حُرْمَة (وَبَعض الْحَنَفِيَّة التزموه) أَي رفع الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة (نسخا لِأَن الْخلق لم يتْركُوا سدى) أَي مهملين غير مأمورين وَلَا منهيين (فِي وَقت) من الْأَوْقَات (فَلَا إِبَاحَة وَلَا تَحْرِيم قطّ إِلَّا بشرع فَمَا يذكر من حَال الْأَشْيَاء) يَعْنِي كَيْفيَّة أَفعَال الْمُكَلّفين (قبل الشَّرْع) فَيُقَال الأَصْل فِيهَا الْإِبَاحَة مثلا (فرض) أَي أَمر ذكر على سَبِيل الْفَرْض، وَالْوَاقِع فِي نفس الْأَمر أَن الْخلق فِي كل وَقت مأمورون بأَشْيَاء ومنهيون عَن أَشْيَاء ومخيرون فِيمَا سواهُمَا (وَأما) النّسخ (فِي شَرِيعَة) وَاحِدَة (فوجوب التَّوَجُّه إِلَى الْبَيْت) أَي فمثاله وجوب الِاسْتِقْبَال إِلَى الْكَعْبَة شرفها الله تَعَالَى بقوله - {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} - الْآيَة بعد أَن كَانَ التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا (وَنسخ الْوَصِيَّة للْوَالِدين) الثَّابِتَة بقوله تَعَالَى - {كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين} - فنسخ الله من ذَلِك - {والأقربين} -. فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ المَال للْوَلَد، وَكَانَت الْوَصِيَّة للْوَالِدين فنسخ الله من ذَلِك مَا أحب فَجعل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَجعل لِلْأَبَوَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس، وَسَيَأْتِي ذكر النَّاسِخ فِي مسئلة السّنة بِالْقُرْآنِ (وَكثير) وستقف على كثير مِنْهُ (لَا يُنكره إِلَّا مكابر أَو جَاهِل بالوقائع). قَالَ (المانعون سمعا لَو نسخت شَرِيعَة مُوسَى لبطل قَوْله) أَي قَول مُوسَى أَو قَوْله تَعَالَى على زعمهم (هَذِه شَرِيعَة مُؤَبّدَة مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض أُجِيب بِمَنْع أَنه) أَي هَذَا القَوْل (قَالَه) بل هُوَ مُخْتَلف فِيهِ فضلا عَن كَونه متواترا، وَكَونه فِي التَّوْرَاة الْآن لَا ينفع لوُقُوع التَّغْيِير والتبديل فِيهَا. قيل أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute