للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموضوعات. إلا أن السور القرآنية تتنوع موضوعاتها ولا تخضع لأي من الفرضين أو الترتيبين السابقين، مما يدعونا إلى ترجيح وجود تصميم معقد يكون قد وضع في وقت سابق لنزول القرآن على قلب الرسول صلّى الله عليه وسلم. ولكن سرعان ما نميل إلى الانصراف عن هذا الافتراض بسرعة لأننا نرى مدى الجرأة والإستحالة التي ينطوي عليها وضع نظام سابق حسب ترتيب تحكمي بين فقرات حديث سوف يطلب إلقاؤه أو إظهاره على مدار عشرين عاما، وبما يتناسب مع عديد من الملابسات والظروف التي تستدعي هذا الحديث والتي لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها. غير أن السنة تؤكد لنا هذا الإفتراض الغريب وتؤيده. فالواقع أنه فور نزول الوحي على الرسول صلّى الله عليه وسلم كان كل جزء منه صغيرا أو كبيرا يوضع في السور التي لم تكن قد اكتملت بعد وفي مكان محدد من السورة، وفي موضع رقمي من آياتها، وفي ترتيب لم يكن دائما هو الترتيب التاريخي. وبمجرد وضع الآية أو الآيات في موضع ما، بقيت فيه إلى الأبد، دون أن يطرأ عليها تحويل أو تصحيح. من هذا نقول إنه لا بد كان هناك تصميم لكل سورة، فضلا عن تصميم أو خطة عامة للقرآن في جملته، بمقتضى كل منهما، كأن كل وحي جديد يوضع في مكانه توا بين آيات هذه السورة أو تلك، من السور المفتوحة.

[انفراد في تجميع الأجزاء القرآنية مما يثبت وجود خطة سابقة]

ولا شك أن طريقة القرآن هذه ليست لها مثيل على الإطلاق. فلا يوجد أي كتاب من الكتب في الأدب أو في أي مجال آخر، يمكن أن يكون قد تم تأليفه على هذا النحو أو في مثل هذه الظروف. وكأن القرآن كان قطعا متفرقة ومرقمة من بناء قديم، كان يراد إعادة بنائه في مكان آخر على نفس هيئته السابقة. وإلا فكيف يمكن تفسير هذا الترتيب الفوري والمنهجي في آن واحد، فيما يتعلق بكثير من السور، إذا لم تكن الصحائف الخالية والصحائف التامة تمثل وحدة كاملة في نظر المؤلف؟.

<<  <   >  >>