للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلمات من إظهار إلا طريقة واحدة في القراءة. وهكذا نرى أن كلمة «مسيطر»

مكتوبة بالسين ويعلوها حرف «ص» أو مكتوبة بالصاد وتعلوها السين. كما نجد في أحد مصاحفه النموذجية «سارعوا» وفي مصحف آخر «وَسارِعُوا» وأيضا «بما تشتهي» و «بما تشتهيه» وأيضا «سَيَقُولُونَ لِلّهِ» و «سيقولون الله».

[الهدف المزدوج لنشر عثمان المصاحف]

وفي رأينا أن نشر القرآن بعناية عثمان كان يستهدف أمرين:

أولهما: أن في إضفاء صفة الشرعية على القراءات المختلفة التي كانت تدخل في إطار النص المدون ولها أصل نبوي مجمع عليه وحمايتها، فيه منع لوقوع أي شجار بين المسلمين بشأنها لأن عثمان كان يعتبر التماري في القرآن نوعا من الكفر (١).

ثانيهما: باستبعاد مالا يتطابق تطابقا مطلقا مع النص الأصلي، وقاية للمسلمين من الوقوع في انشقاق خطير فيما بينهم، وحماية للنص ذاته من أي تحريف نتيجة إدخال بعض العبارات المختلفة عليها نوعا ما، أو أي شروح يكون الأفراد قد أضافوها لمصاحفهم بحسن نية.

[مصحف عثمان لا يحمل أية قراءة للآحاد وإنما اقتصر على القراءات الصحيحة]

ولا يفهم مما سبق أن الطبعة العثمانية - فضلا عن المصحف العثماني الأصلي - تتضمن جميع القراءات التي قد يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد علمها للناس باسم السبعة أحرف؛ لأنها إذا كانت قد اشتملت بالفعل على القراءات التي اتفق عليها أن النص الأصلي كان يتضمنها في صورته الأخيرة، فقد استبعدت هذه الطبعة من ناحية أخرى كل قراءة واردة عن طريق الآحاد ولا يتوفر فيها الضمان المطلوب (٢).

ولقد وفق هذا المبدأ منذ البداية بين آراء آلاف الصحابة الحاضرين وارتضوه عن طيب خاطر (٣).


(١) إتقان السيوطي. المجلد الأول ص ٥٧.
(٢) انظر اتقان السيوطي ص ٥٠ - انتصار الباقلاني الوارد بتبيان الطاهر، ص ٧٣.
(٣) انظر السيوطي بنفس المرجع - وابن حجر الوارد بتاريخ القرآن الزنجاني ص ٤٤.

<<  <   >  >>