للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولنفرض أنه اتصل بالفعل بالمسيحية في ذلك الوقت، فهل كان سيجد ما يسره؟ لنستمع أولا إلى ملاحظات بعض الكتاب المسيحيين: يقول «ج. سال»:

إذا قرأنا التاريخ الكنسي بعناية، فسنرى أن العالم المسيحي قد تعرض منذ القرن الثالث لمسخ صورته، بسبب أطماع رجال الدين، والانشقاق بينهم، والخلافات على أتفه المسائل، والمشاجرات التي لا تنتهى، والتى كان الأنقسام يتزايد بشأنها.

وكان المسيحيون في تحفزهم لإرضاء شهواتهم واستخدام كل أنواع الخبث والحقد والقسوة .. قد انتهوا تقريبا إلى طرد المسيحية ذاتها من الوجود، بفعل جدالهم المستمر حول طريقة فهمها. وفي هذه العصور المظلمة بالذات ظهرت، بل وثبتت أغلب أنواع الخرافات والفساد .. ولقد وجدت الكنيسة الشرقية نفسها بعد مجمع «نيقيه» ممزقة بسبب الخلافات بين أنصار أريوس وسابليوس ونسطور ويوتيخيوس.

ولقد رأى رجال الدين أن يمنح ضباط‍ الجيش بعض الحماية، وبهذه الحجة كان العدل يباع علنا مما شجع كل نوع من أنواع الفساد والرشوة. أما بالنسبة للكنيسة الغربية، فقد بلغ الخلاف بين دماز Damase وأرزيسيان Ursicien على كرسي الأسقفية بروما في شدته حد اللجوء إلى العنف والقتل. ولقد قامت هذه الإنشقاقات أساسا نتيجة أخطاء الأباطرة ولا سيما الأمبراطور قسطنس. وزادت حدة في ظل حكم جستنيان، الذي اعتقد أنه ليس هناك أي جرم في قتل أي رجل يخالفه في فهم العقيدة. هذا الفساد في الأخلاق وفي العقيدة الذي ساد بين الأمراء وبين رجال الدين، استتبع بالضرورة فساد الشعب عامة. حتى أصبح شغل الناس الشاغل على اختلافهم هو جمع المال بأية وسيلة مهما كانت لإنفاقه بعد ذلك في الترف والرذيلة (١).

[وصف المسيحية في ذلك الوقت بمعرفة الكتاب المسيحيين]

ولقد كتب تايلور في كتابه «المسيحية القديمة» المجلد الأول صفحة ٢٦٦ يقول


(١) انظر «ملاحظات عن الإسلام» ج. سال ص ٦٨ - ٧١.
G،Sale،Observations sur le Mahometisme .

<<  <   >  >>