[الفصل الثالث كيف تم تبليغ المبدأ القرآني إلى العالم]
[سرعة انتشاره واستقراره]
كل الدنيا تعرف، بصفة عامة، ما هو المبدأ القرآني الذي نسميه الإسلام. غير أن هذه المعرفة غالبا ما تقتصر على السمات الخارجية فيقال إنه ذلك الإصلاح الديني والإجتماعي والأخلاقي الذي بمجرد أن ظهر على ساحل البحر الأحمر في بداية القرن السابع الميلادي، سار بخطوات منتصرة نحو الشمال والجنوب ونحو الشرق والغرب، حتى أنه في فترة قصيرة نسبيا انتشر في نصف العالم المعروف في ذلك الحين.
[مقارنة مع فتوحات الإسكندر الأكبر]
هذا الحدث التاريخي الجليل الذي لا مثيل له على مر الزمان قد أثار اهتمام الإنسانية جمعاء، كما أثار فضول مؤرخي الأخلاق والأديان.
ولقد حاولوا أن يجدوا له شبيها في العصور القديمة دون جدوى، فقارنوه أحيانا بفتوحات الإسكندر المقدوني. إذ كانت واسعة وسريعة ولكنها لم تأت بأي تغيير سواءا في أفكار الشعوب أو عاداتها وما لبثت هذه الفتوحات أن زال أثرها عند أول بواكير الإسلام.
إننا لا نذهب إلى حد القول بالعقم المطلق لأعمال الإسكندر الأكبر الذي كان له على الأقل الفضل في إقامة مدن عظيمة على جانبي الطريق إلى الشرق حيث ساد الرخاء الاقتصادي وقتا طويلا. ولكن الحقيقة أن هذه الأعمال لم تتجاوز مجال التعمير الحضري أما مجموعات الشعوب والفلاحون الذين قيل عنهم «لا يعد الفتح فتحا إذا لم يؤثر على عقولهم» فقد احتفظوا بطابعهم الخاص دون أي تغيير، فاللغة والأخلاق والنظم السياسية والاقتصادية ظلت كما كانت. وحتى في