للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الصابئون]

واذا كان لا بد من الحديث عن الأنظمة الدينية المعروفة في ذلك الوقت في إطار البيئة التي ولد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الحديث عن مذهب الصابئين أولى من الحديث عن الحنفاء. ويقصد بهذه الكلمة الواردة في القرآن (١) طائفة وثنية متميزة (صابئي حران الذي ينسبون أنفسهم إلى صابي بن سث، الذي كان يدّعي نشر تعاليم ديانة أبيه، وأنه كان عنده كتابها باللغة السريانية)؛ أو أنها طائفة يهودية مسيحية تسمى «الصابئة» (من مسيحيي يوحنا المعمداني)، أو أنها هي ذاتها الطائفة الوثنية الأولى التي كانت تنتحل هذا الإسم. المسألة محل خلاف؛ ولقد ذكر الفيومي هذا التفسير الأخير في قاموسه العربي (المصباح المنير). وعلى كل حال هناك اعتباران يقتضيان استبعاد التفسير الثاني، أولهما هو اختلاف أصل كلمة «صبأ» عن أصل «سبح» والثاني سكوت السنة والأثر عن مباديء الصابئة:

وهي الفيض والتجسيد على حين أن الأفكار الجوهرية والشعائر الأساسية للصابئين كانت معروفة وفندها القرآن والسنة. ولقد انتشرت بعض عادات هذا المذهب في قريش إلى درجة أنه يصعب عزلها عن الوثنية السائدة. وذلك مثل:

١ - تأليه الملائكة والكواكب وتأثيرها على الأحداث الأرضية (٢).

٢ - نصيب الأسد الذي كان يؤخذ من القرابين ليقدم إلى الآلهة الأقل في الدرجة بدلا من تقديمها إلى الله (٣).

٣ - عبارة الابتهال التي كانت تتضمن الشرك بالله وتستخدم في الحج (٤) .... الخ.

وهناك بعض الشعائر الأخرى والعادات التي تتميز تماما عن كل من العادات الوثنية والإسلامية. فقد كان الحج عند الصابئين يتم بحران بالعراق، وليس حول


(١) سورة البقرة آية ٦٢ وسورة المائدة آية ٦٩ وسورة الحج آية ١٧.
(٢) انظر البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية ج ٨ ص ٤٤٥، حيث ورد «مطرنا بنجم كذا».
(٣ و ٤)) انظر الفصل الأول من الجزء الثاني.

<<  <   >  >>