للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلون مختلف - بعض التفسيرات (١) أو بعض أدعية الصلاة (٢) الخارجة عن النص، فإن المصحف الرسمي يخلو حتى من أسماء السور. ولكن رغم قيمة هذا المصحف العظيمة ورغم ما يستحقه من العناية التي بذلت في جمعه فإن مجرد بقائه محفوظا بعناية عند الخليفتين الأولين أسبغ عليه الطابع الفردي أو الشخصي بعض الشيء ولم يصبح وثيقة للبشر كافة إلا من يوم نشره.

[اختلافه بمعرفة عثمان]

ولكن فرصة نشره لم تتح إلا في خلافة عثمان بعد معارك أرمينية وأذربيجان.

فقد تجمعت جيوش المسلمين الوافدة من سوريا ومن العراق ولاحظوا بعض الاختلاف في القراءات، إذ كان السوريون يتبعون قراءة «أبى» والعراقيون يتبعون قراءة «ابن مسعود» فقال بعضهم لبعض «قراءتنا خير من قراءتكم» ففزع حذيفة ابن اليمان إلى عثمان وطلب إليه أن يضع حدا لهذا اللجاج الذي قد يؤدي إلى مثل ما وقع فيه اليهود والنصارى من فرقة بشأن كتبهم. فشكل عثمان لجنة من أربعة نساخ منهم زيد بن ثابت نفسه - وهو من الأنصار - وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام من المهاجرين. وكلفهم بنسخ مصحف حفصة بعدد من النسخ (٣) يعادل عدد الأمصار الرئيسية في الدولة الإسلامية وقال لهم: «ما اختلفتم فيه أنتم وزيد» (٤) فاكتبوه بلسان قريش


(١) فنجد مثلا في مصحف ابن مسعود بجوار كلمة «وَالصَّلاةِ الْوُسْطى» عبارة «صلاة العصر» أو «وهي صلاة العصر». هل هذا هو المقصود من الآية؟ اختلف الصحابة أنفسهم في هذا الصدد وحتى إذا قبلنا رأي البراء الذي يقول إن هذه الإضافة كانت موجودة في مكان كلمة «الْوُسْطى» وأنها نسخت فيما بعد واستبدلت بها، فإنها لم توجد في نص التنزيل مقابلة للعبارة الأخرى. ويذكر ابن الأنباري أنه أثناء الجمع الأول طلبت حفصة إضافة هذه الكلمة إلى الآية ونظرا لأنها لم تأت بالشهادة المطلوبة فقد عارضها أبوها عمر صراحة (أنظر «الدر المنثور» للسيوطي المجلد الأول، ص ٣٠٣).
(٢) نجد في مصحف أبي بالإضافة إلى السور المعروفة دعائي القنوت.
(٣) من غير أخذ نسخة عثمان الشخصية في الاعتبار يتفق أغلب الرواة على أنها كانت خمس نسخ خطية أرسلت إلى المدن الخمس التالية: مكة والمدينة والبصرة والكوفة ودمشق. ولكن أبا حاتم السجستاني يذكر نسختين أخريين لولايتي اليمن والبحرين (أنظر كتاب المصاحف لابن أبي داود ص ٧٤).
(٤) وهكذا احتفظت كلمة «تابوت» التي كانت تكتب «تابوه» في المدينة بشكلها المكي.

<<  <   >  >>