للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني الخير أو العنصر الأخلاقي في القرآن

[الدين عقيدة وتشريع اعتقاد وطاعة]

ولكن النفس الإنسانية لا تتغذى بالحقائق النظرية وحدها. فبجانب حاجة الإنسان إلى المعرفة والاعتقاد، يحتاج في إلحاح إلى القاعدة العملية القادرة على توجيه نشاطه في كل لحظة من حياته، سواء في تصرفاته مع نفسه أو في علاقاته مع غيره أو مع خالقه. ولقد قدم القرآن إلى هذه الحاجة النظام الوافي، بأوسع وأدق طريقة ممكنه. وخط‍ في كل فرع من فروع النشاط‍ الإنساني خطا واضحا، يسلكه الإنسان في أمان واطمئنان.

فلا يكفي ليكون الإنسان مؤمنا حقيقيا أن يؤمن إيمانا عميقا بالحقائق المنزلة، وإنما يجب أيضا أن يكرس حياته وأمواله في خدمة هذه العقيدة (١). فعليه الاضطلاع بواجبه كمؤمن وأيضا كمواطن. أي عبادة الله وفعل الخير (٢) فالدين عقيدة وقانون، أي اعتقاد وطاعة (٣) وتعريف القرآن للبر بمعناه الحقيقي هو الإيمان بالحقائق السامية، والتحلي بالفضائل الخلقية سواء في السلوك الشخصي أو في المعاملة مع الغير (٤).


(١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ [الحجرات: ١٥].
(٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج: ٧٧].
(٣) آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ..... وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا [البقرة: ٢٨٥].
(٤) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: ٢٧٧].

<<  <   >  >>