بعد، وماتت قبل وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم بعامين عن ابنتها «أمامة» التي تزوجت «عليا» بعد موت فاطمة.
[مشاعره الأبوية]
وكان محمد صلّى الله عليه وسلم أبا حنونا وزوجا وفيا أبدى عاطفة متدفقة نحو أولاده وأحفاده. إذ كان يسير عدة كيلومترات على أقدامه لمجرد أن يراهم ويضمهم إليه ويقبلهم عند المراضع. وكان يتركهم يعتلون ظهره أثناء الصلاة كما كان يقطع خطبته لكي يستقبلهم ويجلسهم إلى جواره على المنبر. ونقاشه مع رجلين من بني تميم عن العاطفة الأبوية (١) معلوم في السيرة.
وبعد أن تحقق له الثراء ظل على بساطته وزهده في الأكل ولم يستفد من سعة رزقه إلا ليوسع دائرة السعادة من حوله. فوفاءا لدين عمه عليه واعترافا بجميله نحوه عندما رعاه في طفولته أخذ على عاتقه تربية ابن عمه الأصغر علي الذي زوجه ابنته فاطمة أصغر بناته.
[ترميم الكعبة]
وكان أهم الأحداث التي وقعت بين تاريخ زواجه وتاريخ بعثته وهو في الخامسة والثلاثين وقت ترميم الكعبة. فلأهمية هذا الصرح الذي كان بمثابة المعبد الوطني للجزيرة العربية كانت كل القبائل العربية تبدي له كل تقديس رغم اختلاف عقائدها. لهذا نراها جميعا تحرص كل الحرص على أن تنال شرف المشاركة في أعمال إعادة بناء الكعبة، ولقد توصلت بفضل تقسيم العمل بينها على تحقيق مطالب الجميع حتى وجد المتنافسون أنفسهم أمام العمل الذي لا يتجزأ وهو إعادة
(١) البخاري عن أبي هريرة كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته ج ١٣ ص ٣٦ - ورد ذكر مناقشتين في هذا الموضوع. الأولى مع الأقرع بن حابس التميمي عندما رأى الرسول صلّى الله عليه وسلم يقبل حفيده الحسن فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد وما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم قال: من لا يرحم لا يرحم، والثانية: عندما جاء أعرابي إلى النبي فقال تقبلون الصبيان فما نقبلهم فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة.