للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسكر (١).

وأما المبدأ الجديد الذي نقصده هنا فهو «النية» باعتبارها لب العمل الأخلاقي، فلكي يحمس موسى قومه كان يغريهم بآمال أرض الميعاد، وبالنصر على الأعداء، وبالبركة والرخاء في كل شؤون الحياة الدنيا. وجاء المسيح لكي يفتتح عهدا جديدا في الدعوة الدينية، فيوضح لنا الإنجيل أن النعيم والسعادة الموعودة ليست في هذه الدنيا. فآمال النفوس وطموح الأرواح عليها منذ ذلك الحين أن تنصرف عن الحياة الدنيوية وتتجه إلى السماء. وأخيرا يأتي القرآن الكريم وإذا هو بمنهجه البناء - يجمع بين هذين الوعدين ويوفق بينهما لا باعتبارهما الباعث المحرك للإنسان وإنما باعتبار أن الهدف الذي ينبغي على الإنسان الفاضل أن يقصده ليس في ملكوت السماء ولا في ملك الدنيا. إنما هو أعلى من هذا كله، إنه في الخير المطلق أي في ابتغاء وجه الله تعالى الذي يجب استحضاره في القلب عند أداء العمل الإنساني بتنفيذ أوامره (٢).

[٢ - الفضيلة في العلاقات بين الأفراد]

وها هو تقدم آخر يرتبط‍ بالقاعدة الأخلاقية التي تحدد علاقاتنا بإخوتنا فبأحكام التوراة وأحكام الإنجيل، استقامت شجرة الفضيلة وبزغت فروعها وأوراقها. أما في المجال القرآني. فإن هذه الشجرة الخضراء سوف تزهر وتؤتي ثمارها، فبالإضافة إلى كنز العدل والمحبة الذي عني القرآن بحفظه، أوجد فصلا رائعا فيما يمكن تسميته


(١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: ٩٠].
(٢) وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ [البقرة: ٢٧٢) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى * إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى [الليل: ١٩ - ٢٠].

<<  <   >  >>