للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[رحلته الأولى إلى سوريا واتصاله بالراهب بحيرى]

وترجع إلى هذه الرحلة القصة المشهورة لأول إتصال لمحمد صلّى الله عليه وسلم بالأوساط‍ الدينية في شخص الناسك المسيحى بحيرا في بصرة (بسوريا) فيحكى لنا الأثر أن هذا العابد لاحظ‍ بعض العلامات المنصوص عنها في الكتب المقدسة تصاحب القافلة فدعاها إلى طعامه وشرع في فحص وجوه القوم ومضاهاة علاماتها بما لديه من وثائق. فلم يستدل على شيء وأخيرا عند ما تحدث إلى محمد الشاب صلّى الله عليه وسلم الذي وصل متأخرا اقترب من أبي طالب وقال له: «هذا الشاب سيقوم بدور عظيم في العالم فأرجعه إلى بلاده على عجل واسهر عليه واحذر عليه من اليهود الذين قد يوذونه لو علموا منه ما أعلم» (١).

[مشاغله الأساسية]

ولا نعرف سوى تفاصيل قليلة عن حياته صلّى الله عليه وسلم منذ ذلك التاريخ حتى تاريخ زواجه. وعموما فقد قضى شبابه في حالة قريبة من الفقر. ويؤيد القرآن (٢) ذلك والسنة توضحه. فبعد أن مات أبوه وعاش في كنف جده لم يرث من أمه سوى أمة سوداء وقطيعا من الغنم وخمسة جمال. والعمل الذي زاوله في تلك الحقبة كان في الغالب رعي الغنم الذي يقول الرسول صلّى الله عليه وسلم عنه إنه كان عمل الأنبياء عليهم السلام من قبله مثل موسى وداود وغيرهما عليهم السلام.

[صفاته الخلقية]

وكان يتميز صلّى الله عليه وسلم بين أترابه الفتيان بخلقه الرفيع وبصفة خاصة بحيائه الشديد وبعده عن اللهو الرخيص وبعفته المطلقة. وكان يجذب اهتمام كل من تعامل معه فأكسبه ذلك ثقة كبيرة في قلوب الناس مما برر تسميته «بالأمين».


(١) سيرة ابن هشام، مجلد ١، ص ١١٥.
(٢) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (سورة الضحى آية ٨).

<<  <   >  >>