للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه نزل بلسانهم وبانتهاء هذا العمل بما يتفق تماما مع النص الأصلى، أعيد مصحف حفصة إليها بينما جلدت النسخ الأخرى ووزعت على الأمصار باعتبارها نماذج لا بديل لها وتبطل كل ما يخالفها من قريب أو بعيد.

[مآخذ بعض الشيعة]

ولقد ظن بعض الشيعة أن عثمان قد بدل في نص القرآن، أو أنه على وجه التحديد أسقط‍ شيئا يتعلق بعلي بن أبي طالب. فلو صح ذلك لراجعه حملة القرآن وما أكثرهم في وقت نشر مصحف عثمان عند مضاهاته على ما يحفظونه في صدورهم. إلا أنه حتى ابن مسعود نفسه الذي كان لديه أكثر من سبب لكي لا يرضى عن السياسة قد أقر بصحة مصحف عثمان بل وتنبأ أنه سوف يوجد فيما بعد قراء كثيرون وقليل من العلماء، وأن آيات القرآن ستظل مقدسة في النفوس وسيهمل تطبيقها (١) ونظرا لغيرة المسلمين الأوائل وهم بطبيعة الحال أكثر تحمسا لكلام الله من خلفائهم يستحيل علينا أن نعلل قبول الكافة لمصحف عثمان دون منازعة أو معارضة، بأنه راجع إلى انقياد غير متبصر من جانبهم. ولقد قرر «نولدكه» أن ذلك يعد أقوى دليل على أن النص القرآني «على أحسن صورة من الكمال والمطابقة» (٢).

[اعتراف الإمامية (أبو جعفر)]

ومهما يكن من أمر، فإن هذا المصحف هو الوحيد المتداول في العالم الإسلامي - بما فيه فرق الشيعة - منذ ثلاثة عشر قرنا من الزمان. ونذكر هنا رأي الشيعة الإمامية (أهم فرق الشيعة)، كما ورد بكتاب أبى جعفر الأم «إن اعتقادنا في جملة القرآن الذي أوحى به الله تعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هو كل ما تحتويه دفتا المصحف المتداول بين الناس لا أكثر، وعدد السور المتعارف عليه بين المسلمين هو ١١٤ سورة - أما عندنا فسورتا الضحى والشرح تكونان سورة واحدة، وكذلك


(١) موطأ مالك كتاب جامع الصلاة الباب الأول.
(٢) نولدكه «تاريخ القرآن» الجزء الثاني ص ٩٣. Noeldeke،Geschichte des Korans .

<<  <   >  >>