للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من اليهود جيرانهم منذ عدة قرون قبل الهجرة. وعلى كل حال يبدو لنا أن القرآن لم ينتظر انتقاله إلى المدينة لتوثيق هذه الرابطة، لأنه سبق للسور المكية أن أشارت إلى ذلك (١) بل إنها دعت الرسول صلّى الله عليه وسلم إلى اتباع ملة إبراهيم الحنيف عليه السلام (٢).

[موقف الإسلام من الأديان السابقة]

هل طرأ على موقف الإسلام من الأديان السابقة تطور في موطنه الجديد؟ وهنا أيضا نرجع إلى النص القرآني الذي يوضح لنا أن السور المكية وهي تطالب بشهادة أهل الكتاب للإدلاء بعلمهم عن الكتب المقدسة (٣)، فإنها تدين في نفس الوقت الكتابيين الذين اتبعوا الشيطان وتحالفوا معه (٤). وفي مقابل هذا احتفظ‍ القرآن في المدينة بموقفه من العلماء الذي يستشهد بهم وهو يؤكد أن عددا منهم لا يرغب في أداء الشهادة (٥). وهكذا يفرق القرآن في الحالتين بين الكتب المقدسة ذاتها، والعلماء الذين يتبعونها بإخلاص، وبين هؤلاء الذين يسمون أنفسهم يهود أو نصارى، وهم يتبعون أهواءهم.

[عدد صلوات المسلمين]

أما عدد صلوات المسلمين فنقرر أنه لا يوجد في جميع المراجع والمؤلفات الإسلامية التي أطلعنا عليها أية إشارة إلى مثل هذا التطور، ومن المؤسف حقا أن النقاد الغربيين لا يدلوننا على الوثائق التي إستقوا منها هذه الفكرة الغريبة. فطبقا لجميع الحقائق التي في متناول أيدينا فإن عدد هذه الصلوات خمس منذ أول لحظة


(١) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [إبراهيم: ٣٧].
(٢) ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: ١٢٣].
(٣) قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [الرعد: ٤٣].
(٤) تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [النحل: ٦٣].
(٥) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: ١٤٦].

<<  <   >  >>