للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرعت فيها الصلاة بمكة .. هكذا حددها الرسول صلّى الله عليه وسلم وأوضح تفاصيلها بكل دقة، ويشير القرآن إلى ذلك بايجاز في عدة مواضع (١). ومن المحتمل أن يكون قد تسرب هذا الفهم الخاطئ إلى ذهن الكتاب الغربيين بسبب سوء تفسير عبارة «الدلوك» الواردة بسورة الاسراء.

[سن عاشوراء وتحويل القبلة]

ولم يرد بالقرآن ذكر يوم عاشوراء، لكن علماء الحديث (٢) يقررون أن قريشا كانت تحرص قبل الإسلام على الصوم في هذا اليوم، وأن الرسول ذاته كان يصومه قبل الهجرة. ونعرف أيضا أن الأحاديث توصي بالصوم في ذلك اليوم (٣). أما القول بأن الرسول صلّى الله عليه وسلم اتخذ قراره في البداية لمحاكاة اليهود وأنه رجع فيه بعد ذلك بسبب تغير الموقف السياسي، فإنه قول لا يتفق مع الوقائع المقررة.

أما بشأن القبلة، فقد كان المؤمنون بالفعل يولّون وجوههم في الصلاة إلى بيت المقدس في فترة معينة قبل الهجرة. ولكن الادعاء بأن تغيير القبلة نحو الكعبة (وهو تغيير له ما يبرره في القرآن (٤) كان نتيجة معاداة اليهود للإسلام، فهو ادعاء يتضمن تداخلا في التواريخ. فقد بدأت عداوة اليهود في عام ٦٢٥ الميلادي بينما كان تحويل القبلة في عام ٦٢٣ م.

[فكرة الله في مكة وفي المدينة]

تبقى الملاحظة الأخيرة التي تتعلق بفكرة القرآن عن الله. والرجوع إلى النص


(١) فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ [الروم: ١٧ - ١٨] وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ [طه: ١٣٠] وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ [هود: ١١٤] أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الإسراء: ٧٨].
(٢) رواه البخاري عن أم المؤمنين عائشة كتاب الحج باب قول الله تعالى: جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ .. ج ٤ ص ١٩٩.
(٣) رواه مسلم كتاب الصيام باب صيام يوم عاشوراء ج ٣ ص ١٤٧.
(٤) سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النّاسِ ما وَلاّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ‍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة: ١٤٢].

<<  <   >  >>