للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاعتبارات الخاصة سواءا أكانت ذات طابع عقيدي مثل: {بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ}، {يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ» أم سياسي مثل: «مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ} ... (سورة التوبة:

١٠٠) وليس «والأنصار الذين ... » كما اعتقاد عمر، أو خاصة باللهجة مثل: «إِنْ هذانِ لَساحِرانِ» أو غيرها.

وكل ما عني به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لإثبات صحة النص القرآني هو المطابقة الحرفية لكل جزء منه طبقا لما نزل ودوّن في البداية بإملاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وتلي فيما بعد أمامه وحمل تصديقه النهائي قبل وفاته. وهذه الموضوعية المطلقة هي الباقية والخالدة على مدى الدهر تشهد لهم لا عليهم.

[ابن مسعود لم يخرج على الإجماع]

ومع ذلك فهناك كلام عن ابن مسعود أو غيره من الصحابة. وقد يتصور البعض أنه يمكن تجريح إجماع الصحابة على النص العثماني عن هذا الطريق. والحقيقة أنه لم يحدث أن نازع أحد منهم في صحة هذا النص، وإنما بجانب هذا النص كانت توجد قراءات خاصة أخرى أكد من رواها أنها منسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك عجزوا عن تقديم الدليل الحسي عن هذا الإسناد. ولقد حرص الصحابة لا على جعلها تنافس وتحل محل النص المجمع عليه، وإنما على المحافظة عليها بجانب هذا النص الصحيح. ولهذا نرى أبا موسى مثلا يوصي ذويه بعدم إلغاء ما هو مدون بمصحفه والعمل على استكمال أي نقص منه من مصحف عثمان (١). وعندما استقبل ابن مسعود الغاضبين من أتباعه ماذا فعل إلا أنه ذكرهم بقيمة جميع القراءات التي جاء بها الوحي (٢).

على أن هذا الغضب - إذا حدث أن كان هناك غضب (٣) - كان له باعثان:

وهو أنهم رأوا هذا الصحابي الجليل من الطبقة الأولى وقد حرم من شرف الإسهام


(١) البخاري عن حذيفة بن اليمان - كتاب فضائل القرآن - باب جمع القرآن ج ١٠ ص ٣٩٠.
(٢) نفس المرجع ص ١٨.
(٣) انظر شوالي Geschichte الجزء الثاني، ص ٩٢.

<<  <   >  >>