للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتفقت على رأى واحد. وأن رسل الله جميعا عليهم السلام يعزز بعضهم بعضا ويتضامنون في تبليغ حقيقة واحدة. فموسى يعلن أنه من ابراهيم واسحق ويعقوب عليهم السلام وعيسى عليه السلام لم يأت إلا ليؤيد الرسل والشرائع السابقة.

[تعريف القرآن للإسلام باعتباره الإيمان بجميع الأديان المنزلة السابقة]

ولقد ركز القرآن على هذه الفكرة تركيزا كبيرا، وأكد صراحة أن جميع الأنبياء عليهم السلام أمة واحدة مجتمعة تحت لواء الله تبارك وتعالى (١)، وأن هذه الوحدة كانت تجمع سائر الناس فيما مضى. وإنما الأجيال اللاحقة هي التي بذرت الخلاف والفرقة (٢)، إما بنسيان حظ‍ من التعاليم الربانية (٣) أو نتيجة الأساليب الرديئة التي عرضت بها (٤) هذه التعاليم أو بدافع الغرور والمصالح الذاتية (٥).

ويعرض القرآن دعوة الإسلام بطريقته المنطقية لا على أنها دعوة محمدية مستقلة تنافس الموسوية والمسيحية وتنازعهما الحقيقة، وإنما يقرر أن المسلم هو من يؤمن في نفس الوقت بموسى وعيسى وجميع رسل الله عليهم السلام، ويوقرهم من غير تمييز بينهم (٦)، كما يؤمن بمبادئهم جميعا، أي أنه يستسلم


(١) إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: ٩٢] وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ [المؤمنون: ٥٢].
(٢) وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ [البقرة: ٢٥٣] وَما كانَ النّاسُ إِلاّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا [يونس: ١٩].
(٣) وَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة: ١٤].
(٤) وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: ٧٥] يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ [المائدة: ١٣].
(٥) وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: ١٤٦] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً [البقرة: ١٧٤].
(٦) آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة: ٢٨٥].

<<  <   >  >>