للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكعبة؛ كم كانت قرابينهم تحرق تماما ولا يؤكل منها شيء (١)، وكانوا يحرمون تعدد الزوجات ولا يزاولون الختان (٢). وكانت عباداتهم طقوسا يقصد بها الكواكب: فقد كانت تمارس ثلاث مرات يوميا، بحيث تتوافق تماما مع شروق الشمس والزوال والغروب، وذلك بما يخالف مواعيد الصلاة في الإسلام.

وهكذا نرى الوثنية التي كانت سائدة بالحجاز لا تقدم لنا تفسيرا سليما عن مصدر القرآن الكريم، سواء وصفت بالرّقة أو الخشونة، بالخرافات والشك، أو بروح النقد.

[البيئة اليهودية والمسيحية]

لنترك إذن هذه الأوساط‍ ونتجه ببحثنا إلى مكان آخر، فلعل البيئة اليهودية والمسيحية وقتئذ تلقي لنا بعض الضوء على هذا الموضوع.

وسوف لا نعول كثيرا على قصة الراهب بحيرى الواردة في الأثر، والتي تذكر أن محمدا صلّى الله عليه وسلم قابله وهو في الثانية عشر من عمره عندما صاحب عمه أبا طالب في سفره إلى سوريا. فالصواب يمنعنا من الأخذ بهذه المقابلة العارضة، واعتبارها مصدرا لتعليم محمد صلّى الله عليه وسلم، لأن الحادثة إما أنها أسطورية، أو أنه يتعين علينا أخذ كل الوقائع التى تذكرها في الحسبان. وحينئذ نجد أن القصة تذكر أن هذه المقابلة كانت في حضور جميع أفراد القافلة؛ وأن محمدا صلّى الله عليه وسلم كان في دوره «مسؤولا» لا مستمعا، وبانتهاء الاستجواب خلص الراهب إلى نبوءة مضمونها توقع بعثة هذا الشاب رسولا في المستقبل. إن الفكرة إذن تفند نفسها (٣).

هل يتعين علينا أن نتوقف لنبحث احتمالا آخر من نفس النوع؟ يقال إنه كان


(١) انظر «ملاحظات تاريخية ونقدية عن الإسلام» تأليف ج سال ص ٣٠ - ٣١.
(٢) دائرة المعارف الإسلامية (باللغة الفرنسية) مادة" Sabia '' .
(٣) اقرأ مقال هوارت «بالجريدة الآسيوية» عدد يوليو اغسطس ١٩٠٤ بعنوان «مصدر جديد للقرآن» حيث ورد ما يلي بالخاتمة «لا تسمح النصوص العربية التي عثر عليها ونشرت وبحثت منذ ذلك الوقت بأن نرى في الدور المسند إلى هذا الراهب السوري إلا مجرد قصة من نسج الخيال».

<<  <   >  >>