للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النهاية «مهما كان إغراء الفكرة التي تقول بأن تفكير المصلح الشاب (محمد) صلى الله عليه وسلم قد تأثر بقوة عندما شاهد تطبيق الديانة المسيحية بسوريا، فإنه يتحتم استبعادها. نظرا لضعف الوثائق والأسس التاريخية الصحيحة» (١).

هذا إذن هو المشهد الحي الذي يمتد أمام نظر المشاهد. فحيثما اتجه وجد ضلالا يحتاج إلى الهداية. وانحرافا يتطلب التقويم. ولن يجد أبدا نموذجا أخلاقيا ودينيا يصلح لأن ينقله محمد صلّى الله عليه وسلم أو يبني عليه نظامه الإصلاحي. فلا شك أن المواد التي صادفها حتى الآن قد تجمعت في بناء يصلح للهدم، ولم يكن فيها ما يصلح ليقيم عليه بناءه الجديد.

[الاتصال بالكتب المقدسة]

فلنوسع حقل البحث قليلا. إذ خارج العالم الملموس والمنظور، يوجد العالم المسموع، وبيئة الكتب والإطلاع. وإذا لم يصلح المثل والواقع، فقد يصلح الدرس.

ولكن من أين يأتي الدرس؟ ومن هو حامله؟.

إن أول إجابة تتبادر إلى الذهن في هذا المجال، هو أن محمدا صلّى الله عليه وسلم قد استخلص دروسه من مطالعاته المباشرة للكتب المقدسة القديمة سواء كانت مسيحية أو يهودية أو غيرها (٢). ولكن هل كان محمد صلّى الله عليه وسلم يعرف القراءة والكتابة؟

هل كان محمد صلّى الله عليه وسلم يقرأ؟:

يجيب القرآن بالنفي؛ ويبرهن بأمية الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم على ربانية تعليمه. إنه لا يقرر فحسب أنه أمّي من شعب أمّي (٣)، أي غير متعلم، وليس فقط‍ كما يريد


(١) انظر هورات «مصدر جديد للقرآن» ص ١٢٩.
(٢) لقد ذهب الدكتور س. تسدال إلى حد الإدعاء بأن بعض المبادئ الإسلامية مستقاة من الزرادشتية.
وخصص فصلا كاملا لعناصر هذا المذهب الذي يرى أنها موجودة في القرآن والسنة. ومن غير مناقشة مصدر أو حتى تشابه الأفكار التي أوردها تحت هذا العنوان، نلاحظ‍ - فيما عدا فكرة «الحور» - أنها لا تنسب إلى القرآن، وإنما إلى بعض الأثر المشكوك فيه. إنها فكرة النور «نور محمد» وفكرة «عزرائيل» ملك الموت وفكرة «السراط‍» جسر جهنم ... الخ.
(٣) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ... [الأعراف: ١٥٧] وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران: ١٦٤].

<<  <   >  >>