في النهاية واعترفوا بمنشئها الإلهي المباشر يكون هذا الاعتراف آخر مطاف البحث وقرار العلم، بعد استنفاد جميع الوسائل الممكنة.
فلنبعد إذن من بحثنا الحجة التي يمكن استخلاصها من الإعجاز اللغوي في القرآن، والمؤيدة لمصدره الإلهي، ونتساءل عما إذا كان يمكن تفسير الأفكار التي يتضمنها القرآن بسبب آخر غير الوحي. والواقع أن بحوثا ودراسات كثيرة قد سلكت هذا السبيل في الماضي. ومما يشرف القرآن والسنة أنهما سجلا، بكل عناية وإنصاف، جميع الآراء التي أبداها معاصرو النبي صلى الله عليه وسلم، لتعليل هذه الظاهرة وتبريرها، وهي تشتمل على افتراضات لا تعتمد على الحلول الممكنة والمعقولة وحدها، وإنما تلجأ إلى كل مستحيل وغير معقول لا يتوانى أي عقل ساخر عن التعبير عنه للحط من شأن أي جديد، مهما كانت جديته وأهميته بالنسبة للبشرية. وهذا يجعلنا نقرر أن البحوث الحديثة في هذا المجال لا تعدو أن تكون زيادة أو تكرارا لنفس الكلام القديم وإن اختلفت في الشكل والأسلوب.
والغرض من هذا الجزء الثالث هو دراسة مختلف الحلول في شكلها الحاضر، وسنتبع في هذا الصدد الترتيب الزمني. فنقسم البحث إلى فصلين بحسب ما يكون الحديث عن المرحلة المكية أو المرحلة المدنية.