للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهزيمة التي منيت بها قريش ببدر في العام الثاني الهجري، وذلك قبل الهجرة بسنوات عديدة، على أنها ستقع في نفس الوقت الذي ينهزم فيه الفرس من الرومان (١). وحادثة عجيبة وقعت في هذه المعركة، وكان القرآن قد تنبأ بها في بداية الإسلام وهي ضربة السيف التي تلقاها شخص يدعي الوليد بن المغيرة على أنفه وتركت عليها علامة أثارت سخرية قومه منه مدى حياته (٢). ولا حاجة إلى ذكر الظروف المخيبة للآمال، والتي أعلن القرآن بالرغم منها انتصاره القريب على أعدائه، فضلا عن خلود دعوته على مر الزمان (٣). بل وقيام دولة الإسلام الفتية على الأرض (٤)، وعجز كل قوى الأرض عن القضاء عليها (٥). ولم يغفل الكلام عن مستقبل الطائفتين الدينيتين السابقتين، وعلاقاتهما المستقبلة، وهي الانشقاق والخلاف إلى يوم القيامة بالنسبة للمسيحية (٦)، وتشتت بني إسرائيل في أقطار الأرض والاضطهاد الذي سيقع عليهم في كل مكان حتى نهاية العالم، وحاجتهم الدائمة إلى الحيف (٧) وتفوق المسيحيين على اليهود إلى يوم القيامة (٨) (،٩) .. إلخ.


(١) وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللهِ [الروم: ٣ - ٥].
(٢) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ [القلم: ١٦].
(٣) فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد: ١٧].
(٤) وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً [النور: ٥٥].
(٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ [الأنفال:
٣٦].
(٦) وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصارى ... فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ [المائدة: ١٤].
(٧) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النّاسِ [آل عمران: ١١٢].
(٨) وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ [آل عمران: ٥٥].
(٩) ليس هناك حرج في إبراز الفروق الأساسية التي تتميز بها - من نواح كثيرة - الوقائع التى تنبأ بها القرآن، والوقائع التي يتناولها علم النفس التجريبي الحديث (التلباثى) والمغناطيسية، وتحضير الأرواح، وقياس الظواهر النفسية، والأحلام، والتنبؤات، والرؤية الخلفية .. الخ، والتي - وإن كانت تثبت وجود عالم ما وراء الحواس، واحتمال الاتصال بهذا العالم الغيبي - لا تقدم لنا أدلة أكيدة عن مصدره الإلهي. وهذا الفرق يكمن «أولا» في مفهوم -

<<  <   >  >>