للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً} [النساء: ٩٠ - ٩١] وفى موضع آخر نجد نفس التفرقة {لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} [الممتحنة: ٨ - ٩] وحتى في سورة التوبة التي تعتبر أشد السور على الكفار والمنافقين والمتقاعدين المترددين في القتال والتي تبدأ بإعلان عام يقطع كل علاقة بالمشركين، نرى العناية التي أولاها القرآن في استثناء المشركين الذين لم ينقضوا عهودهم فيصرح: {إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٤]. والموضوع الذي يحرض القرآن المؤمنين من أجله يتضح أكثر في الآية التالية: {أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

[التوبة: ١٣]. وترتب على ذلك بطبيعة الحال أن يقول الله تعالى للمؤمنين {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}

[التوبة: ٣٦] ولكن هذا القتال يتوقف بمجرد حفظهم للعهد {فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٧]. فلا نجد في أي مكان إذنا بالبدء بالقتال، وإنما الأمر هنا محدد بموقف الخصم العدواني، والأكثر من ذلك أنه حتى بالنسبة للمشركين الذين لا يرتبطون مع المسلمين بعهود ومواثيق ويطلبون حمايتهم، نجد القرآن يطالب الرسول صلّى الله عليه وسلم بأن يبلغهم مقصدهم في أمان (١) (،٢).


(١) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [التوبة: ٦].
(٢) عندما وصل سنكلير إلى هذا الموضع بعد أن أغفل الآيات التي توضح الحدود في حق الإلتجاء إلى القوة، اضطر لكي لا يتعارض مع نتائجه في البحث - أن يستبدل هذه الآية التي تدعو إلى حماية المحايدين بنقط‍.

<<  <   >  >>