للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى ويحيا من جديد {وَقالُوا أَإِذا كُنّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} [الإسراء: ٤٩ - ٩٨] إن من يدعي ذلك إما أنه «مَجْنون» أو {أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً} (١) {فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [الدخان: ٣٦] {وَقالُوا ما هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ} [الجاثية: ٢٤].

وعلى هذه المعارضة البسيطة، يقدم القرآن حجته الفاصلة، التي يستقيها من كتاب الطبيعة المفتوح، فيبرز أمام الأنظار آلاف المشاهد التي تظهر منها بوضوح قدرة الله الخارقة. إذ أنشأ الله الإنسان من الأرض، ثم يعيده إليها، ومنها يبعثه مرة أخرى (٢)، فلتتدارس العقول هذه الأطوار التي يمر بها الإنسان في دورة الحياة (٣)

منذ أن كان علقة، إلى أن أصبح خلقا جديدا في أكمل صورة عند ميلاده (٤)

{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم - ١٩] هل يصعب على الذي بدأ الخلق أول مرة أن يعيده مرة أخرى (٥). ويوجه القرآن أنظارنا بصفة خاصة إلى الأحداث الموسمية.

ألا نرى الأرض وهي جافة وجرداء تتحول إلى أرض خصبة؟ {وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (٦) [الحج: ٥] {فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم: ٥٠].


(١) أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً [سبأ: ٨].
(٢) مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى [طه: ٥٥].
(٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً [نوح: ١٤].
(٤) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ [المؤمنون: ١٢ - ١٦].
(٥) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم: ٢٧].
(٦) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج: ٦، ٧].

<<  <   >  >>