فقد اشتملت الفاتحة على أصول الدين وفروعه، عقيدة وعبادة وافتقارًا إلى الله بطلب الهداية والدلالة إلى الصراط المستقيم، والثبات عليه، وفيه معنى طلب الهدايتين، ولا يتم ذلك إلا بشرع ودين، ولا يتم شرع ودين إلا بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وفيها أخبار وقصص الأمم الغابرة، وبينت طريق السعداء وطريق الأشقياء.
ولقد وصف الله تعالى سورة الفاتحة بأنها:«سبعًا من المثاني»، والمثاني هي التي تكرر فيها المواعظ والعبر، وموضوعاتها متكرر في القرآن كله.
ولقد وصفها سبحانه بأنها:«القرآن العظيم» لعظم ما حوته في طيات آياتها من موضوعات، والقرآن العظيم معطوف على السبع المثاني من عطف العام على الخاص.
وسميت بـ «أم القرآن» لاشتمالها على معاني القرآن كله، من حمد لله تعالى وثناء عليه بما سمى ووصف به ذاته المقدسة من أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وبيان أوامره ونواهيه وثوابه وعقاب المترتب على وعده ووعيده، ذلك لأن موضوعات القرآن كله مرجعها ومردها إلى موضوعاتها، لأن محتوياتها مشتملة على أنواع مقاصد القرآن الكريم كله.
والفاتحة سورة محكمة، وكذلك آياتها وموضوعاتها محكمة، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}[آل عمران: ٧].
وأما عموم سور القرآن فمنها المحكم ومنها المتشابه، فإذا رُدَّ المحكم للمتشابه صار القرآن كله محكمًا، ونعني بذلك فاتحة الكتاب التي حوت كل معاني القرآن.