للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (٢٢)} [الروم]، وذلك «لما بيّن دلائل الأنفس، ذكر دلائل الآفاق، وأظهرها خلق السماوات والأرض» (١) ومنها أيضًا: الآيات الكونية الباهرة والمعجزات الخارقة للعادة في بعض مخلوقات الله المخلوقة على غير عموم خلقه سبحانه، والدالة على ربوبية الله وقدرته وعظمته وتفرده بالخلق، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: خلق آدم من تراب بلا أب ولا أم، قال تعالى: {كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)} [آل عمران].

ومنها: خلق زوجه حواء من ضلعه الأيسر قال تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: ٦].

ثم تكاثر هذه البشرية من نسلهما، وبثّ منهما البشرية جمعاء، سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا … وَنِسَاءً} [النساء: ١].

قال ابن كثير -رحمه الله-: «يقول تعالى آمرًا خلقه بتقواه، وهي عبادته وحده لا شريك له، ومُنَبّهًا لهم على قدرته التي خلقهم بها من نفس واحدة، وهي آدم، -عليه السلام- {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وهي حواء -عليها السلام-، خلقت من ضِلعه الأيسر من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه، وروى ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مقاتل، حدثنا وكيع، عن أبي هلال، عن قتادة، عن ابن عباس قال: خُلقَت المرأة من الرجل» (٢). انتهى.

ودلالة ذلك من السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي


(١) التفسير الكبير، تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (٢٢)} [الروم] (ص: ٩٨).
(٢) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٠٦ (.

<<  <   >  >>