للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلق عبثًا وحاشا لله ذلك وتعالى ربنا العلي العظيم عما يقول ويعتقد الظالمون علوًّا كبيرًا.

كما قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)} [المؤمنون: ١١٥ - ١١٦].

{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ} «أي: بغير حكمة، حتى أنكرتم البعث، {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} أي: للجزاء: {فَتَعَالَى اللَّهُ} أي: تعاظم عما تصفون؛ لأنه: {اللَّهُ الْمَلِكُ} أي: المتصرف وحده، الذي قصد بالخلق معرفته وعبادته، والذي لا يترك الجزاء بل يحق الحق» (١) ويبطل الباطل، قال سبحانه: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨)} [الأنفال].

ولقد أقسم الله على وقوعه ردًّا على المعاندين المنكرين لوقوعه والجاحدين لثبوته، قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧)} [التغابن].

٢ - ومن حكمته البالغة سبحانه وتعالى أن جعل دار الدنيا دار عمل لا دار جزاء، وجعل الآخرة دار حساب ومجازاة على الأعمال، يحاسب فيها الخلائق، فيجازي كل مخلوق بما قدمت يداه، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.

قال تعالى: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٥١)} [إبراهيم]، أي: «ليجزي الله كل نفس مجرمة، ما كسبت، أو كل نفس من مجرمة ومطيعة، لأنه إذا عاقب المجرمين لإجرامهم عُلِمَ أنه يثيب المطيعين لطاعتهم» (٢).

وقال سبحانه: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)} [النجم].


(١) تفسير القاسمي (١٢/ ٤٤٢٢).
(٢) تفسير الزمخشري (٣/ ٣٩٤).

<<  <   >  >>