للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن منهم المؤمن والكافر والبر والفاجر قال الله عز وجل عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (١٤) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥)} [الجنّ: ١٤ - ١٥].

«وَ {الْمُسْلِمُونَ} الذين قد خضعوا لله بالطاعة، وَ {الْقَاسِطُونَ} الجائرون عن الإسلام وقصد السبيل» (١).

وقد ثبت عند مسلم منْ حديث أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ -رضي الله عنه-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» (٢).

وهم مع إسلامهم متفاوتون في صلاحهم، قال تعالى في السورة نفسها: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (١١)} [الجن].

و {الصَّالِحُونَ} هم: «الموصوفون بصلاح الحال في شأن أنفسهم وفي معاملتهم مع غيرهم المائلون إلى الخير والصلاح، حسبما تقتضيه الفطرة السليمة لا إلى الشر والفساد كما هو مقتضى النفوس الشريرة. {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} أي: قوم دون ذلك وهم المقتصدون» (٣).

و {طَرَائِقَ قِدَدًا} أي: «فرقًا مختلفة أهواؤنا.

وقال أبو عبيدة: واحد الطرائق: طريقة، وواحد القدد: قدة، أي: ضروبًا وأجناسًا ومللًا. وقال الحسن، والسدي: الجن مثلكم، فمنهم قدرية، ومرجئة، ورافضة» (٤).

وكذلك منهم اليهودي والنصراني وغيرها من الملل والنحل فهم طرائق قددًا كما ذُكِرَ لنا.


(١) تفسير ابن جرير الطبري (٢٣/ ٦٦١).
(٢) مسلم (٢٢٣٦). ينظر: (الأربعين المدنية).
(٣) تفسير أبي السعود (٩/ ٥٤)، بتصرف واختصار يسير جدًّا.
(٤) زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي (٨/ ٣٦٧).

<<  <   >  >>