للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْحُكْمِ فَمِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْحُكْمِ فَمِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَفِي صَوْمِ بَعْضِ الْيَوْمِ وَفِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَمِثْلُ إشْعَارِ الْبُدْنِ

ــ

[كشف الأسرار]

«لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمَبْتُوتَةِ فِي الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُخْتَلِعَةُ تَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ» وَبِاسْتِدْلَالَاتٍ قَوِيَّةٍ عُرِفَتْ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَسْرَارِ وَالْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِمَا لَا بِالْقِيَاسِ وَالِاخْتِلَافُ فِي صِفَتِهِ أَيْ صِفَةِ الشَّرْطِ مِثْلُ صِفَةِ الشُّهُودِ أَيْ مِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي صِفَةِ الشُّهُودِ فَيُشْتَرَطُ صِفَةُ الذُّكُورَةِ وَالْعَدَالَةِ فِيهِمْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَتَّى لَا يَنْعَقِدَ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِشَهَادَةِ الْفُسَّاقِ وَعِنْدَنَا لَا يُشْتَرَطُ صِفَةُ الذُّكُورَةِ فِي الْجَمِيعِ وَلَا صِفَةُ الْعَدَالَةِ فَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَيَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الْفُسَّاقِ كَمَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَمْ شُهُودٌ مَوْصُوفُونَ بِكُلِّ وَصْفٍ، فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ ابْتِدَاءً وَلَا نَفْيُهُمَا بِالرَّأْيِ بَلْ يَتَمَسَّكُ فِي إثْبَاتِهِمَا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَلَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» فَإِنَّ عِبَارَتَهُ تَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ وَيُشِيرُ لَفْظُ التَّثْنِيَةِ إلَى نَفْيِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فَإِنَّ عَدَدَ الِاثْنَيْنِ لَا يَكْفِي إلَّا مِنْ الرِّجَالِ وَيَتَمَسَّكُ فِي نَفْيِهِمَا بِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] وَبِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» وَكَقَوْلِنَا: الْوُضُوءُ شَرْطٌ بِغَيْرِ نِيَّةٍ يَعْنِي شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ لَكِنْ بِدُونِ صِفَةِ الْقُرْبَةِ حَتَّى صَحَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ شَرْطٌ بِصِفَةِ الْقُرْبَةِ فَلَا يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ هَذَا الصِّفَةِ، وَلَا نَفْيُهَا بِالْقِيَاسِ ابْتِدَاءً بَلْ يَتَمَسَّكُ مَنْ يُثْبِتُهَا بِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَيَحْتَجُّ مَنْ نَفَاهَا بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّا أَجْمَعْنَا أَنَّهُ لَوْ صَلَّى صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ جَازَتْ الصَّلَوَاتُ فَلَوْ كَانَ يُشْتَرَطُ صِفَةُ الْقُرْبَةِ فِي الْوُضُوءِ لَكَانَ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ كُلِّ صَلَاةٍ وَإِرَادَتُهَا فِي الْوُضُوءِ وَلَمَّا لَمْ تُشْتَرَطْ عُلِمَ أَنَّ صِفَةَ الْقُرْبَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ كَوْنُهُ طَاهِرًا إذَا أَرَادَ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ لِيَكُونَ أَهْلًا لِخِدْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقِيَامِ بِحَضْرَتِهِ قَوْلُهُ (وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْحُكْمِ) الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مَشْرُوعَةٍ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هِيَ مَشْرُوعَةٌ فَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ شَرْعِيَّتِهَا بِالْقِيَاسِ فَمَنْ أَثْبَتَ شَرْعِيَّتَهَا يَتَمَسَّكُ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيت الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِرَكْعَةٍ» وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ فَعَلَ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَعَلَ» وَمَنْ أَنْكَرَ شَرْعِيَّتَهَا يَتَمَسَّكُ بِمَا اُشْتُهِرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي الْآخِرَةِ» وَبِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ الْبَتْرَاءِ» أَوْ بِمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا أَجْزَتْ رَكْعَةٌ قَطُّ وَبِنَوْعٍ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ فَإِنَّ السَّفَرَ سَبَبٌ لِسُقُوطِ شَطْرِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْأَرْبَعِ فَلَوْ كَانَتْ الرَّكْعَةُ صَلَاةً لَسَقَطَ الشَّطْرُ أَيْضًا فِي الْفَجْرِ فَلَمَّا لَمْ يَسْقُطْ مَعَ قِيَامِ الْعِلَّةِ عُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَا يَبْقَى صَلَاةً فَيَكُونُ إسْقَاطًا لِلْكُلِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ شَطْرَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَسْقُطْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ رَكْعَةً وَنِصْفَ صَلَاةٍ وَفِي صَوْمِ بَعْضِ الْيَوْمِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ عِنْدَنَا وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْهُمْ أَبُو زَيْدٍ الْقَاشَانِيُّ مَشْرُوعٌ حَتَّى لَوْ أَكَلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَصُومَ بَاقِيَهُ جَازَ عِنْدَهُمْ، وَاعْتَبَرُوهُ بِيَوْمِ الْأَضْحَى فَإِنَّ إمْسَاكَ بَعْضِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ فِيهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ وَقَاسُوهُ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنْهَا مَشْرُوعٌ كَالْكَثِيرِ وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا صَارَتْ قُرْبَةً مَشْرُوعَةً لِمَا فِيهَا مِنْ صِلَةِ الْفَقِيرِ وَفِي الْقَلِيلِ صِلَةُ الْفَقِيرِ كَمَا فِي الْكَثِيرِ أَمَّا الصَّوْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>