للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ مَا يَثْبُتُ مَهْرًا دَيْنًا يَثْبُتُ سَلَمًا كَالْمُقَدَّرِ فَيُقَالُ: ثَبَتَ مَعْلُومًا بِوَصْفِهِ أَمْ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ قَالَ بِوَصْفِهِ لَمْ يُسَلَّمْ فِي الْفَرْعِ وَإِنْ قَالَ بِقِيمَتِهِ لَمْ يُسَلَّمْ فِي الْفَرْعِ وَإِنْ قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي إلَى هَذَا قُلْنَا بَلْ إلَيْهِ حَاجَةٌ لِبَيَانِ اسْتِوَائِهِمَا فِي طَرِيقِ الثُّبُوتِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ أَحَدُهُمَا يَحْتَمِلُ جَهَالَةَ الْوَصْفِ.

ــ

[كشف الأسرار]

السَّكَنِ وَالِازْدِوَاجِ وَالْوَلَدِ وَاقْتِضَاءِ الشَّهْوَةِ وَكُلُّهَا مِنْ الْمَصَالِحِ وَمَا أَثْبَتَ مِنْ الْمِلْكِ فَلَمَّا كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهَا لِتَحْقِيقِ الْمَصْلَحَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ أَصْلًا فَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ عِدَادِ الْمَصَالِحِ إلَى مَا هُوَ مِنْ الْمَضَارِّ بَلْ نَجْعَلُ الْمِلْكَ تَابِعًا لِإِقَامَةِ الْمَصْلَحَةِ وَمَتَى كَانَ النِّكَاحُ مَصْلَحَةً كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ التَّحْصِيلَ وَهِيَ عَاجِزَةٌ عَنْ التَّحْصِيلِ لِصِغَرِهَا فَأُقِيمَ الْوَلِيُّ مُقَامَهَا كَمَا فِي الْبِكْرِ قَوْلُهُ (وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ) أَيْ مِثْلُ قَوْلِهِمْ فِيمَا مَضَى مِنْ الْمَسَائِلِ قَوْلُهُمْ فِي تَجْوِيزِ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ مَا يُثْبِتُ دَيْنًا مَهْرًا فِي الذِّمَّةِ يُثْبِتُ دَيْنًا سَلَمًا كَالْمُقَدَّرِ الْمَذْرُوعِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

فَيُقَالُ لَهُ أُثْبِتَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ مَعْلُومٌ بِوَصْفِهِ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ سَبَبُ وَصْفِهِ أَوْ بِسَبَبِ قِيمَتِهِ أَوْ هِيَ صِلَةُ مَعْلُومًا أَوْ زَائِدَةٌ أَيْ يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ مَعْلُومَ الْوَصْفِ أَوْ مَعْلُومَ الْقِيمَةِ فَإِنْ قَالَ: يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مَعْلُومًا بِوَصْفِهِ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ ذَلِكَ فِي الْفَرْعِ وَهُوَ السَّلَمُ وَفِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَهْرُ يَعْنِي لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَيَوَانَ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالْوَصْفِ فِي السَّلَمِ وَلَا فِي الْمَهْرِ بَلْ يَبْقَى مَجْهُولًا إلَّا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ مُتَحَمَّلَةٌ فِي الْمَهْرِ دُونَ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى النِّكَاحِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ دُونَ الْمُضَايَقَةِ فَلَا يُؤَدِّي مِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ فِيهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ وَمَبْنَى الْبَيْعِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَالْمُمَاكَسَةِ فَيُحْتَرَزُ فِيهِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْجَهَالَةِ لِإِفْضَائِهَا فِيهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ الْمَانِعَةِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ الْمَقْصُودَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَفِي تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ أَصْلًا نَوْعُ تَسَامُحٍ فَإِنَّ الشَّيْخَ جَعَلَ ثُبُوتَ الْحَيَوَانِ دَيْنًا مَهْرًا وَصْفَ الْقِيَاسِ وَالْمُقَدَّرَ أَصْلًا لَهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ النِّكَاحُ أَصْلَ الْقِيَاسِ لِيَسْتَقِيمَ لَهُ هَذَا الْكَلَامُ كَمَا جَعَلَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي الْأَسْرَارِ فَقَالَ: الْبَيْعُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَسْتَحِقُّ بِهِ الْحَيَوَانُ دَيْنًا قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ إلَّا أَنَّ حُكْمَ السَّلَمِ لَمَّا كَانَ مُسْتَفَادًا مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ الْخَصْمِ إذْ الْحُكْمُ يَثْبُتُ بِالْوَصْفِ سَمَّاهُ أَصْلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَإِنْ قَالَ بِقِيمَتِهِ أَيْ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِقِيمَتِهِ لَمْ يُسْلَمْ فِي الْفَرْعِ فَإِنَّ الْحَيَوَانَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَوْصَافِ يَتَفَاوَتُ فِي الْمَالِيَّةِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَلَا يَصِيرُ قِيمَتُهُ مَعْلُومَةً بِذِكْرِ الْوَصْفِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرْعَ؛ لِأَنَّ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَهْرُ يَصِيرُ الْحَيَوَانُ مَعْلُومًا بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ يَجِبُ الْوَسَطُ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَتَاهَا بِالْقِيمَةِ تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا لَوْ أَتَاهَا بِالْمُسَمَّى فَثَبَتَ أَنَّهُ يَصِيرُ مَعْلُومًا فِيهِ بِالْقِيمَةِ فَأَمَّا السَّلَمُ فَلَا يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالْقِيمَةِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَصِيرُ مَعْلُومَ الْمَالِيَّةِ بِالْوَصْفِ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْقِيمَةِ فِي بَابِ السَّلَمِ أَصْلًا وَلِهَذَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْحَيَوَانِ عِنْدَهُ فِي السَّلَمِ وَلَا يَجُوزُ أَدَاءُ الْقِيمَةِ.

وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَظُنُّهَا لِلشَّيْخِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ فَيُقَالُ لَهُ: يَثْبُتُ الْحَيَوَانُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ مَعْلُومَ الْوَصْفِ وَالْقِيمَةِ أَمْ مَعْلُومَ الْوَصْفِ مَجْهُولَ الْقِيمَةِ أَمْ مَجْهُولَ الْوَصْفِ مَعْلُومَ الْقِيمَةِ فَإِنْ قَالَ: مَعْلُومَ الْوَصْفِ فَلَا يُوجَدُ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ مَعْلُومَ الْوَصْفِ وَإِنْ قَالَ: مَعْلُومَ الْقِيمَةِ فَلَا يُوجَدُ فِي الْفَرْعِ فَإِنَّ إعْلَامَ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ عَقْدِ السَّلَمِ وَإِنْ قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي إلَى هَذَا أَيْ إلَى تَعْيِينِ أَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنًا بِالْوَصْفِ أَوْ بِالْقِيمَةِ قُلْنَا: بَلْ إلَيْهِ أَيْ إلَى التَّعْيِينِ حَاجَةٌ لِأَجْلِ بَيَانِ اسْتِوَاءِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي طَرِيقِ الثُّبُوتِ يَعْنِي لَا بُدَّ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي طَرِيقِ الثُّبُوتِ لِيَصِحَّ الْقِيَاسُ وَقَدْ اعْتَبَرْت أَحَدَ الدَّيْنَيْنِ بِالْآخَرِ وَلَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُمَا يَظْهَرَانِ وَلَا طَرِيقَ لِثُبُوتِ ذَلِكَ إلَّا الِاتِّحَادُ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّيْنَيْنِ فِي الذِّمَّةِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ أَيْ لَمْ يُوجَدْ الِاتِّحَادُ هَاهُنَا بَلْ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ مُخْتَلِفَانِ فِي الثُّبُوتِ.

أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَهْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>