للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[كشف الأسرار]

فَلَيْسَتْ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْوِلَادَةِ وَلَا أَثَرَ لِلْوِلَادَةِ فِي إثْبَاتِهَا فَلَا تَثْبُتُ الْوِلَادَةُ فِي حَقِّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى التَّوَابِعِ أَيْ إلَى التَّوَابِعِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَا قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَتُقْبَلُ فِي أَصْلِ الْوِلَادَةِ لَا فِي وَصْفِهَا فَلَمْ يَثْبُتْ وَصْفُ كَوْنِهَا شَرْطًا فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَتَعَلَّقُ ثُبُوتُهُ بِالْوِلَادَةِ بَلْ بِالْفِرَاشِ الْقَائِمِ وَقْتَ الْعُلُوقِ فَإِذَا شَهِدَتْ الْقَابِلَةُ عَلَى الْوِلَادَةِ ثَبَتَتْ بِشَهَادَتِهَا وَظَهَرَ أَنَّ النَّسَبَ كَانَ ثَابِتًا بِالْفِرَاشِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْوِلَادَةِ اتِّصَالٌ بِالنَّسَبِ مِنْ وَجْهٍ فَلَمْ يَكُنْ نَظِيرَ الطَّلَاقِ.

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتِهْلَالُ الْمَوْلُودِ فِي حُكْمِ الْإِرْثِ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّ حَيَاةَ الْوَلَدِ كَانَتْ غَيْبًا عَنَّا وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ اسْتِهْلَالِهِ فَتَصِيرُ مُضَافَةً لَهُ إلَيْهِ فِي حَقِّنَا وَالْإِرْثُ يَبْتَنِي عَلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ كَشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى كَذَا

إذَا اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا ثَيِّبٌ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّبٌ ثَبَتَ الْعَيْبُ فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ دُونَ الرَّدِّ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثُّيُوبَةَ لَمْ تَثْبُتَ مُطَلَّقَةً؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِسَبَبِ الْعَيْبِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَكُنْ شَهَادَتُهُنَّ حُجَّةً فِيهِ وَلَكِنَّ إثْبَاتَهُ فِي نَفْسِهَا مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالِ فَتَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ كَتَعَيُّنِ الْوَلَدِ فَيَثْبُتُ عَيْبُ إثْبَاتِهِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَيَصْلُحُ لِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ لَا لِلرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ وَلَمَّا تَوَجَّهَتْ الْخُصُومَةُ وَلَا سَبِيلَ إلَى دَفْعِهَا إلَّا الِاسْتِحْلَافَ يَحْلِفُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِاَللَّهِ لَقَدْ سَلَّمْتهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ وَمَا بِهَا هَذَا الْعَيْبُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا بِهَا هَذَا الْعَيْبُ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا خُصُومَةَ وَإِنْ نَكَلَ فَحِينَئِذٍ يُرَدُّ الْبَيْعُ

فَكَذَلِكَ هَاهُنَا الْوِلَادَةُ ثَابِتَةٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَتُجْعَلُ ثَابِتَةً فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ اللَّازِمَةِ لَهَا دُونَ غَيْرِهَا وَمِثْلُهُ الْبَيْعُ الثَّابِتُ مُقْتَضَى الْأَمْرِ بِالْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ فِي حَقِّ صِحَّةِ الْإِعْتَاقِ دُونَ خِيَارِ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ وَسَائِرِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ.

وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ احْتِرَازٌ عَمَّا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْخُصُومَةَ إنْ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ يُفْسَخُ الْعَقْدُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَبْلَ الْقَبْضِ ضَعِيفٌ حَتَّى يَنْفَرِدَ الْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ عِنْدَ ظُهُورِ الْعَيْبِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ وَلِلْقَبْضِ شَبَهٌ بِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ لِثُبُوتِ مِلْكِ الْيَدِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ التِّجَارَاتِ بِهِ فَالرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ يُشْبِهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْقَبُولِ فَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ فِيهِ إلَى نَقْلِ الضَّمَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ.

وَوَجْهُ الظَّاهِرِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَتُجْعَلُ حُجَّةً فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَلَا يُفْصَلُ الْحُكْمُ بِهَا مَا لَمْ يَتَأَيَّدْ بِمُؤَيِّدٍ وَهُوَ نُكُولُ الْبَائِعِ وَأَمَّا قَبُولُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ فِي الِاسْتِهْلَالِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْقَبُولِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَخَبَرُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ حُجَّةٌ تَامَّةٌ فِيهَا كَشَهَادَتِهَا عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَلَا يَثْبُتُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>