. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[كشف الأسرار]
أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ يَوْمَ أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ إذَا قُرِنَ بِمَا لَا يَكُونُ مُمْتَدًّا كَانَ بِمَعْنَى الْوَقْتِ كَالطَّلَاقِ وَإِذَا قُرِنَ بِمَا يَكُونُ مُمْتَدًّا كَانَ بِمَعْنَى بَيَاضِ النَّهَارِ كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ. وَذَكَرَ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ اخْتَارِي يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَوْ قَدِمَ بِالنَّهَارِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِمَّا يَتَوَقَّفُ فَذِكْرُ الْيَوْمَ فِيهِ لِلتَّوْقِيتِ فَيَتَنَاوَلُ بَيَاضَ النَّهَارِ خَاصَّةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ فَذَكَرَ الْيَوْمَ فِيهِ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَقْتِ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ أَيْضًا. وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ فِي فَصْلِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَةٍ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَيْلًا طَلُقَتْ أَنَّ الْيَوْمَ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ يُحْمَلُ عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ وَالطَّلَاقُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اُعْتُبِرَ الطَّلَاقُ وَالْأَمْرُ بِالْيَدِ وَالْخِيَارُ الَّذِي هُوَ مَظْرُوفٌ دُونَ الْقُدُومِ الَّذِي هُوَ مُضَافٌ إلَيْهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا ذَكَرْنَا (فَإِنْ قِيلَ) قَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ التَّزَوُّجَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ فَحُمِلَ فِيهِ عَلَى الْوَقْتِ الْمَظْرُوفِ فَاعْتُبِرَ التَّزَوُّجُ الَّذِي هُوَ مُضَافٌ إلَيْهِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الطَّلَاقُ الَّذِي هُوَ مَظْرُوفٌ. وَكَذَا اعْتَبَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْمُضَافَ إلَيْهِ دُونَ الْمَظْرُوفِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي قَوْلِهِ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ وَلَمْ يَقُلْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ وَهَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَكَذَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - اعْتَبَرُوا الْمُضَافَ إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ دُونَ الْمَظْرُوفِ. وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ اعْتِبَارَ الْمَظْرُوفِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ إذَا أُضِيفَ إلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مَظْرُوفًا لِلْمُضَافِ وَيَكُونُ الْمُضَافُ ظَرْفًا لَهُ لَا مَحَالَةَ لِوُقُوعِ ذَلِكَ الْفِعْلِ فِيهِ فَيَكُونُ هَذَا أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِمَّا ذَكَرْت وَفِيهِ مُوَافَقَةُ الْعَامَّةِ وَاحْتِرَازٌ عَنْ نِسْبَتِهِمْ إلَى الْخَطَأِ (قُلْنَا) بَعْدَ مَا ظَفِرَ بِحَقِيقَةِ الْمَعْنَى مُؤَكَّدَةً بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلِيلِ وَالشَّوَاهِدِ يَعَضُّ عَلَيْهَا بِالنَّاجِذِ وَلَا يُصَارُ إلَى التَّقْلِيدِ الصِّرْفِ ثُمَّ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمَظْرُوفَ وَالْمُضَافَ إلَيْهِ إنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمْتَدًّا كَقَوْلِك أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَرْكَبُ فُلَانٌ أَوْ يُسَافِرُ فُلَانٌ. أَوْ غَيْرَ مُمْتَدٍّ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ إنْ اُعْتُبِرَ الْمَظْرُوفُ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَظْرُوفُ مُمْتَدًّا وَالْمُضَافُ إلَيْهِ غَيْرُ مُمْتَدٍّ كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ يَرْكَبُ فُلَانٌ أَوْ يُسَافِرُ فُلَانٌ فَحِينَئِذٍ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِاعْتِبَارِ الْمَظْرُوفِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ فَاعْتِبَارُ الْمَظْرُوفِ يَقْتَضِي حَمْلَ الْيَوْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ فَلَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِي الْأَوْلَى إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لَيْلًا وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ سَافَرَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَاعْتِبَارُ الْمُضَافِ إلَيْهِ يَقْتَضِي حَمْلُهُ فِي الْأُولَى عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ وَالثَّانِيَةِ عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ فَيَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ إنْ سَافَرَ أَوْ رَكِبَ لَيْلًا. فَبَعْضُ الْمَشَايِخِ تَسَامَحُوا فِي الْعِبَارَةِ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ وَاعْتَبَرُوا الْمُضَافَ إلَيْهِ نَظَرًا إلَى حُصُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute