للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إضَافَةُ الدَّارِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ نِسْبَةُ السُّكْنَى إلَيْهِ فَيُسْتَعَارُ الدَّارُ لِلسُّكْنَى فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِعُمُومِ نِسْبَةِ السُّكْنَى وَفِي نِسْبَةِ الْمِلْكِ نِسْبَةُ السُّكْنَى مَوْجُودَةٌ لَا مَحَالَةَ فَيَتَنَاوَلُهُ عُمُومُ الْمَجَازِ.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ السِّيَرِ فَفِيهَا رِوَايَةٌ أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأَوْلَى أَنَّ الْأَمَانَ لِحَقْنِ الدَّمِ فَبُنِيَ عَلَى الشُّبُهَاتِ

ــ

[كشف الأسرار]

الْمَقْصُودِ وَهُوَ اسْتِقَامَةُ الْجَوَابِ وَبَعْضَهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَةَ التَّحْقِيقِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَصْلًا كَمَا ذَكَرْنَا. فَأَمَّا فِيمَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِيهِ بِالِاعْتِبَارَيْنِ فَالْكُلُّ سَلَكُوا طَرِيقَ التَّحْقِيقِ وَاعْتَبَرُوا الْمَظْرُوفَ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَصْلًا. فَفِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اعْتَبَرَ الْكُلُّ الْأَمْرَ بِالْيَدِ الَّذِي هُوَ مَظْرُوفٌ دُونَ الْقُدُومِ الَّذِي هُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الْمَبْسُوطِ.

فَأَمَّا قَوْلُهُ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مِمَّا يَمْتَدُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ ضَرْبُ الْمُدَّةِ فِيهِ كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ فَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا وَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِيهِ بِالِاعْتِبَارَيْنِ فَيُعْتَبَرُ الْمَظْرُوفُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُمْتَدٍّ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ الَّذِي هُوَ مُمْتَدٌّ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَدٍّ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَتَابَعَهُمْ فِيهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مَعَ أَنَّ دَلِيلَ عَدَمِ امْتِدَادِهِ غَيْرُ مُتَّضِحٍ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِيهِ بِالِاعْتِبَارَيْنِ فَيَنْدَرِجُ فِي الْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي اعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ اعْتِبَارُ الْمَظْرُوفِ أَيْضًا فَفَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمَظْرُوفِيَّةَ الَّتِي لَزِمَتْ مِنْ الْإِضَافَةِ لَيْسَتْ بِمَقْصُودَةٍ فِي الْكَلَامِ فَلِذَا لَا تُؤَثِّرُ فِي اللَّفْظِ أَصْلًا وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ لَا تَكُونُ مُطَّرِدَةً فَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُهَا فَأَمَّا الْمَظْرُوفِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَقْصُودَةٌ فِي الْكَلَامِ فَهِيَ الَّتِي أَثَّرَتْ فِي اللَّفْظِ وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ يَكُونُ مُطَّرِدَةً فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهَا إذْ تَرْكُ مَا هُوَ مَقْصُودٌ وَاعْتِبَارُ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ قَلْبُ الْمَعْقُولِ وَخِلَافُ الْأُصُولِ قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ جَامِعُ هَذِهِ الْمُتَفَرِّقَاتِ هَذَا مَا يُخَيَّلُ لِي مِنْ الْوَجْهِ الصَّوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَرَاءَى لِي أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ وَلَعَلَّ نَظَرَ غَيْرِي أَدَقُّ وَمَا قَالَهُ أَصْوَبُ وَأَحَقُّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْحَقِيقَةِ وَالصَّوَابِ.

قَوْلُهُ (وَأَمَّا إضَافَةُ الدَّارِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ أَوْ بِقَوْلِهِ دَارَ فُلَانٍ نِسْبَةُ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تُعَادَى وَلَا تُهْجَرُ لِذَاتِهَا عَادَةً وَإِنَّمَا تُهْجَرُ لِبُغْضِ صَاحِبِهَا فَكَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْإِضَافَةِ نِسْبَةَ السُّكْنَى لَا إضَافَةَ الْمِلْكِ. فَيُسْتَعَارُ الدَّارُ لِلسُّكْنَى أَيْ لِمَوْضِعِ السُّكْنَى وَصَارَ كَأَنَّهُ قِيلَ لَا أَدْخُلُ مَوْضِعَ سُكْنَى فُلَانٍ أَوْ دَارًا مَسْكُونَةً لِفُلَانٍ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ الْمِلْكُ وَالْإِجَارَةُ وَالْعَارِيَّةُ فَيَحْنَثُ فِي الدَّارِ الْمَمْلُوكَةِ بِعُمُومِ الْمَجَازِ لَا بِالْمِلْكِ حَتَّى لَوْ كَانَ السَّاكِنُ فِيهَا غَيْرَ فُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَالْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَدَخَلَ دَارًا يَسْكُنُهَا فُلَانٌ بِإِجَارَةِ أَوْ بِإِعَارَةٍ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ لَا يَسْكُنُهَا يَحْنَثُ أَيْضًا. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يَنْدَفِعُ السُّؤَالُ لِبَقَاءِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ دَارَ فُلَانٍ عِبَارَةً عَمَّا يُضَافُ إلَيْهِ مُطْلَقًا فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ الدَّارُ الْمُضَافَةُ إلَيْهِ بِالسُّكْنَى وَبِالْمِلْكِ جَمِيعًا كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ فَقِيلَ إذَا حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارَ فُلَانٍ وَلَمْ يُسَمِّ دَارًا بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَنْوِهَا فَسَكَنَ دَارًا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ إلَى وَقْتِ السُّكْنَى حَنِثَ وَإِنْ سَكَنَ دَارًا لَهُ قَدْ بَاعَهَا بَعْدَ يَمِينِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ شَرْطَ الْحِنْثِ وُجُودَ السُّكْنَى فِي دَارٍ مُضَافَةٍ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُوجَدْ.

قَوْلُهُ (وَأَمَّا مَسْأَلَةُ السِّيَرِ) الْكَبِيرِ إذَا قَالَ الْكُفَّارُ أَمِّنُونَا عَلَى أَبْنَائِنَا وَلَهُمْ أَبْنَاءٌ وَأَبْنَاءُ أَبْنَاءٍ فَالْأَمَانُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا اسْتِحْسَانًا وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْأَمَانُ لِلْأَبْنَاءِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الِاسْمَ حَقِيقَةٌ لِلْأَبْنَاءِ مَجَازٌ فِي حَقِّ أَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>