للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْجَامِعِ فِي عَبْدٍ لَهُ ابْنٌ وَلِابْنِهِ ابْنَانِ فَقَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَلَدِي ثُمَّ مَاتَ وَكُلُّهُمْ يَصْلُحُ ابْنًا لَهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ الْأَوَّلِ رُبُعُهُ وَمِنْ الثَّانِي ثُلُثُهُ وَمِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ الْجَوَابُ لَوْ كَانَ لِابْنِ الْعَبْدِ ابْنٌ وَاحِدٌ وَكُلُّهُمْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ الْأَوَّلِ ثُلُثُهُ وَمِنْ الثَّانِي نِصْفُهُ وَمِنْ الثَّالِثِ كُلُّهُ لِاحْتِمَالِ النَّسَبِ وَلَوْ كَانَ تَحْرِيرُ الْعِتْقِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ

ــ

[كشف الأسرار]

فِي تِسْعَةٍ وَمِنْ الْأَوْسَطِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَيَسْعَى فِي ثَمَانِيَةٍ وَمِنْ الْأَصْغَرِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَيَسْعَى فِي خَمْسَةٍ لِيَسْتَقِيمَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.

قَوْلُهُ (وَقَالَ فِي الْجَامِعِ كَذَا) رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ وَلِعَبْدِهِ ابْنٌ وَلِلِابْنِ ابْنَانِ فِي بَطْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَقَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَلَدِي وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَإِنَّ مِنْ الْأَوَّلِ يَعْتِقُ مِنْهُ رُبُعُهُ وَيَسْعَى فِي الْبَاقِي وَمِنْ الثَّانِي ثُلُثُهُ وَمِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآَخَرَيْنِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلَوْ كَانَا مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ يَعْتِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ لَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْآخِرِ فِي النَّسَبِ أَمَّا النَّسَبُ فَلَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ فِي الْمَجْهُولِ لَبَقِيَ مُعَلَّقًا بِالْبَيَانِ وَتَعْلِيقُ النَّسَبِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ كَانَ وَالتَّعْلِيقُ فِي أَمْرٍ مَعْدُومٍ يَحْتَمِلُ الْوُجُودُ أَمَّا الْعِتْقُ فَقَدْ قِيلَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُهُمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ كَلِمَةَ النَّسَبِ عِبَارَةً عَنْ التَّحْرِيرِ لَمَّا تَعَذَّرَ إثْبَاتُ النَّسَبِ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ جِهَةُ النَّسَبِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الدَّعْوَى يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدِ ثُلُثُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ جِهَةُ النَّسَبِ.

وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ جِهَةَ النَّسَبِ إذَا احْتَمَلَتْ الصِّحَّةَ لَمْ يُجْعَلْ لَغْوًا عِنْدَهُمْ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ هَذَا ابْنِي أَنَّهُ يَعْتِقُ وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِاحْتِمَالِ النَّسَبِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَلَيْسَ هَذَا كَمَسْأَلَةِ كِتَابِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ هُنَاكَ يَثْبُتُ الْعِتْقُ لَهُمْ عَلَى احْتِمَالِ النَّسَبِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ فِيمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ مِنْ الْأُمِّ وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَجَازِ مِنْ الْحَقِيقَةِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَأَمَّا الْعِتْقُ هَهُنَا فَلَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ كَانَ حُرًّا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِجِهَةِ النَّسَبِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ ابْنَهُ لَكَانَ أَوْلَادُهُ حَفَدَةً لَهُ وَهُمْ فِي مِلْكِهِ فَيَعْتِقُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ الْجَمْعُ وَيُعْتَبَرُ الْأَحْوَالُ.

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا قُلْنَا إنَّ الْأَوَّلَ يَعْتِقُ فِي حَالٍ وَلَا يَعْتِقُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ فَيَعْتِقُ رُبُعُهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَيَعْتِقُ فِي حَالَيْنِ بِأَنْ يُرَادَ نَفْسُهُ أَوْ أَبُوهُ وَلَا يَعْتِقُ فِي حَالَيْنِ بِأَنْ يُرَادَ ابْنُهُ الْأَكْبَرُ أَوْ الْأَصْغَرُ وَأَحْوَالُ الْإِصَابَةِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثُهُ وَأَحَدُ الْآخَرِينَ حُرٌّ بِيَقِينٍ بِأَنْ يُرَادَ نَفْسُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ نَفْسُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَخُوهُ لَمْ يَعْتِقْ وَأَحْوَالُ الْإِصَابَةِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَعْتِقُ فِي حَالٍ وَلَا يَعْتِقُ فِي حَالٍ فَيَعْتِقُ نِصْفُهُ فَصَارَ لَهُمَا رَقَبَةٌ وَنِصْفٌ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ هُوَ الْحُرُّ كُلُّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحُرُّ نِصْفُهُ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَمَا قُلْنَا إنَّ أَحْوَالَ الْإِصَابَةِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ رِوَايَةُ الْجَامِعِ وَفِي الزِّيَادَاتِ اعْتَبَرَ أَحْوَالَ الْإِصَابَةِ كَمَا اعْتَبَرَ أَحْوَالَ الْحِرْمَانِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَثْبُتُ أَصْلُهُ إلَّا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْقَهْرُ أَمَّا الْعِتْقُ فَلَهُ أَسْبَابٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِثْلُ التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ فَإِذَا اعْتَبَرَ أَحْوَالَ مَا اتَّحَدَ سَبَبُهُ فَلَأَنْ يَعْتَبِرَ أَحْوَالَ مَا تَعَدَّدَ سَبَبُهُ أَوْلَى.

وَجْهُ الْمَذْكُورِ فِي الْجَامِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ ازْدِحَامَ الْأَسْبَابِ فِي الْإِصَابَةِ لَا يَتَحَقَّقُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا أُصِيبَ بِسَبَبٍ اسْتَحَالَ حُصُولُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَأَمَّا الْحِرْمَانُ فَيَقْبَلُ الِازْدِحَامَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا بِالشِّرَاءِ لَمْ يُصِبْهُ بِالْهِبَةِ وَالْإِرْثِ وَمَنْ حُرِمَ شَيْئًا بِعَدَمِ الشِّرَاءِ فَقَدْ حُرِمَهُ سَائِرُ الْأَسْبَابِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَ أَحْوَالِ الْحِرْمَانِ دُونَ الْإِصَابَةِ.

وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ فِي صِحَّتِهِ احْتِرَازٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>