للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَانَ مُوجَبُ الْكَلَامِ مَا قُلْنَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالْوَاوِ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَرَّضُ لِلتَّرْتِيبِ لَا مَحَالَةَ وَلَا تُوجِبُهُ فَلَا يُتْرَكُ الْمُقَيَّدُ بِالْمُطْلَقِ وَإِذَا تَقَدَّمَتْ الْأَجْزِيَةُ فَقَدْ اتَّحَدَ حَالُ التَّعْلِيقِ فَصَارَ مُوجَبُ الْكَلَامِ الِاجْتِمَاعَ وَالِاتِّحَادَ فَلَمْ يُتْرَكْ بِالْوَاوِ لِمَا قُلْنَا فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهَا تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّرْتِيبِ

وَقَالَ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْجَامِعِ فِيمَنْ زَوَّجَ أَمَتَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُمَا وَبِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا الْمَوْلَى مَعًا إنَّهُ لَا يَبْطُلُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا فِي كَلِمَتَيْنِ مُنْفَصِلَتَيْنِ بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ فَإِنْ قَالَ هَذِهِ حُرَّةٌ وَهَذِهِ حُرَّةٌ مُتَّصِلًا بِوَاوِ الْعَطْفِ بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَهَذَا أَيْضًا مِنْ بَابِ التَّرْتِيبِ وَقَالَ فِي هَذَا الْبَابِ فِيمَنْ زَوَّجَ رَجُلًا أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَبَلَغَهُ فَأَجَازَهُمَا مَعًا بَطَلَا وَإِنْ أَجَازَهُ مُتَفَرِّقًا بَطَلَ الثَّانِي وَإِنْ قَالَ أَجَزْت نِكَاحَ هَذِهِ وَهَذِهِ بَطَلَا كَأَنَّهُ قَالَ أَجَزْتهمَا وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُقَارَنَةِ

وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الْجَامِعِ فِيمَنْ هَلَكَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ وَعَنْ ابْنٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ الِابْنُ أَعْتَقَ أَبِي فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَإِنْ سَكَتَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ عَتَقَ الْأَوَّلُ وَنِصْفُ الثَّانِي وَثُلُثُ الثَّالِثِ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْقِرَانِ قِيلَ لَهُ

ــ

[كشف الأسرار]

وَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَقْرَبُ إلَى مُرَاعَاةِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ذَلِكَ الْمَلْفُوظُ بِهِ يَصِيرُ طَلَاقًا فَإِذَا كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ الْعَطْفِ إثْبَاتُ هَذِهِ الْوَاسِطَةِ ذِكْرًا فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَصِيرُ كَذَلِكَ طَلَاقًا وَاقِعًا وَمِنْ ضَرُورَةِ تَفَرُّقِ الْوُقُوعِ أَنْ لَا يَقَعَ إلَّا وَاحِدَةً فَإِنَّهَا تَبِينُ لَا إلَى عِدَّةٍ كَمَا لَوْ نَجَّزَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَ مُوجَبُ الْكَلَامِ مَا قُلْنَا) وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالِاتِّحَادُ فَلَا يُتْرَكُ الْمُقَيَّدُ أَيْ الْمُقْتَضِي لِلِاجْتِمَاعِ بِالْمُطْلَقِ أَيْ الْوَاوِ.

وَقَوْلُهُ وَإِذَا تَقَدَّمَتْ الْأَجْزِيَةُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ اسْتِدْلَالِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاوَ لِلْمُقَارَنَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا يَعْنِي ثَبَتَ الْمُقَارَنَةُ بِاتِّحَادِ حَالِ التَّعْلِيقِ الَّذِي يَقْتَضِي الِاجْتِمَاعَ فِي الْوُقُوعِ لَا بِمُوجَبِ الْوَاوِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِكَلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى سَبِيلِ الْفَرْقِ يَعْنِي إذَا تَأَخَّرَتْ الْأَجْزِيَةُ فَمُوجَبُ كَلَامِهِ الِافْتِرَاقُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِالْوَاوِ إذَا تَقَدَّمَتْ فَمُوجَبُهُ الِاجْتِمَاعُ فَلَا يُتْرَكُ بِالْوَاوِ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا إنَّهَا لَا تَتَعَرَّضُ لِلْقِرَانِ وَلَا لِلتَّرْتِيبِ

ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ مَا يَرِدُ نَقْضًا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَعَ جَوَابِهِ وَهُوَ أَرْبَعُ مَسَائِلَ اثْنَتَانِ مِنْهَا تَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ وَاثْنَتَانِ عَلَى أَنَّهَا لِلْقِرَانِ مِنْهَا مَسْأَلَةُ الْأَمَتَيْنِ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَيْنِ لِآخَرَ بِرِضَاهُمَا مِنْ رَجُلٍ فِي عُقْدَةٍ أَوْ عُقْدَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُمَا وَبِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ كَانَ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ نَقَضَ أَحَدُهُمَا انْتَقَضَ وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْآخَرِ فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا الْمَوْلَى بِلَفْظٍ وَاحِدٍ بِأَنْ قَالَ أَعْتَقْتهمَا أَوْ قَالَ هُمَا حُرَّتَانِ لَا يَبْطُلُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لَا فِي حَالِ الْعَقْدِ وَلَا فِي حَالِ الْإِجَازَةِ وَلَزِمَ الْعَقْدُ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالْإِعْتَاقِ وَبَقِيَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ إنْ شَاءَ أَجَازَ نِكَاحَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ نِكَاحَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا فِي كَلِمَتَيْنِ مُنْفَصِلَتَيْنِ بِأَنْ قَالَ أَعْتَقْت هَذِهِ أَوْ قَالَ هَذِهِ حُرَّةٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ زَمَانٍ لِلْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ مُتَّصِلَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي الْكِتَابِ بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ لِمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ وَبَقِيَ نِكَاحُ الْأُولَى مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ وَلَوْ وُجِدَ إذْنُ الْمَوْلَى دُونَ الزَّوْجِ فِي الْمَسْأَلَةِ تَوَقَّفَ النِّكَاحُ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ لَا غَيْرُ وَلَوْ أُعْتِقَتَا مَعًا لَا يَبْطُلُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَبَقِيَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ كَمَا كَانَ وَلَوْ أُعْتِقَتَا عَلَى التَّعَاقُبِ بِكَلَامَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ أَوْ مُتَّصِلَيْنِ بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَبَقِيَ نِكَاحُ الْأُولَى مَوْقُوفًا عَلَى مَا كَانَ وَلَوْ وُجِدَ إذْنُ الزَّوْجِ دُونَ الْمَوْلَى تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا نَفَذَ نِكَاحُهُمَا وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَنَفَذَ نِكَاحُ الْأُولَى.

وَلَوْ وُجِدَ إذْنُهُمَا جَمِيعًا نَفَذَ نِكَاحُهُمَا وَلَا يَبْطُلُ بِإِعْتَاقٍ بِحَالٍ، فِيمَا ذَكَرْنَا تَعْرِفُ فَائِدَةَ الْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (فِي عُقْدَتَيْنِ) احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا زَوَّجَهُمَا فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ بِحَالٍ قَوْلُهُ (وَلَوْ سَكَتَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ) بِأَنْ قَالَ أَعْتَقَ أَبِي هَذَا وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ أَعْتَقَ هَذَا وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ وَأَعْتَقَ هَذَا عَتَقَ الْأَوَّلُ وَنِصْفُ الثَّانِي وَثُلُثُ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِعِتْقِ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالثُّلُثِ لَهُ فَعَتَقَ مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ ثُمَّ لَمْ يَصِحَّ مَا بَعْدَهُ فِي تَغْيِيرِ حَقِّهِ لِأَنَّ الْمُغَيِّرَ إنَّمَا يَصِحُّ بِشَرْطِ الْوَصْلِ وَإِذَا أَقَرَّ بِالثَّانِي فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ نِصْفَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْأَوَّلِ وَصُدِّقَ فِي إثْبَاتِ حَقِّ الثَّانِي وَلَمَّا أَقَرَّ بِالثَّالِثِ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لَكِنَّهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي إبْطَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>