للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَقَدْ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إنَّهُ تَقَعُ الثَّلَاثُ وَجَعَلَهَا لِلْقِرَانِ لَكِنَّهُ غَلَطٌ لِمَا قَدَّمْنَا وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ الْمُطْلَقِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقَعْ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَقَعَ قَبْلَ التَّكَلُّمِ بِالثَّانِي لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ نَصًّا عَلَى الْمُقَارَنَةِ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي فَسَقَطَتْ وِلَايَتُهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ لَا لِخَلَلٍ فِي الْعِبَارَةِ وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ نِكَاحِ الْأُمَّتَيْنِ لِأَنَّ عِتْقَ الْأُولَى يُبْطِلُ مَحَلِّيَّةَ الْوَقْفِ فِي حَقِّ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا حِلَّ لِلْأَمَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْحُرَّةِ حَالَ التَّوَقُّفِ فَبَطَلَ الثَّانِي قَبْلَ التَّكَلُّمِ بِعِتْقِهَا ثُمَّ لَمْ يَصِحَّ التَّدَارُكُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ فِي حُكْمِ التَّوَقُّفِ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَتَعَرَّضُ لِلْمُقَارَنَةِ فَأَمَّا فِي نِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ فَإِنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ تَوَقَّفَ عَلَى آخِرِهِ لَا لِاقْتِضَاءِ وَاوِ الْعَطْفِ لَكِنْ لِأَنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ وُضِعَ لِجَوَازِ النِّكَاحِ وَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ آخِرُهُ سَلَبَ عَنْهُ الْجَوَازَ فَصَارَ آخِرُهُ فِي حَقِّ أَوَّلِهِ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ

ــ

[كشف الأسرار]

حَقِّ الْأَوَّلَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِلْمُصَنِّفِ

قَوْلُهُ (أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) إذَا قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ يَقَعُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَرَبِيعَةُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ الْوَاوَ تُوجِبُ الْمُقَارَنَةَ.

وَلِأَنَّ الْجَمْعَ بِحَرْفِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَذَا هَهُنَا لَكِنَّ مَا قَالُوهُ غَلَطٌ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ لِلْقِرَانِ لَفْظًا مَوْضُوعًا وَهُوَ مَعَ فَلَوْ حَمَلْنَا الْوَاوَ عَلَيْهِ كَانَ تَكْرَارًا وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ أَيْضًا وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ الْمُطْلَقِ لَا لِلْقِرَانِ وَلِذَلِكَ أَيْ وَلِكَوْنِهَا لِلْعَطْفِ الْمُطْلَقِ لَمْ يَقَعْ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَقَعَ قَبْلَ التَّكَلُّمِ بِالثَّانِي لِأَنَّ تَوَقُّفَ الْكَلَامِ الَّذِي صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَا يُوجِبُ ذَلِكَ مِنْ تَنْصِيصٍ عَلَيْهِ بِلَفْظٍ يُوجِبُهُ كَكَلِمَةِ مَعَ أَوْ مِنْ مُغَيِّرٍ الْتَحَقَ بِآخِرِهِ كَالشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ هَهُنَا تَنْصِيصٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ بِنَصٍّ عَلَى الْمُقَارَنَةِ بَلْ هِيَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ الْوَاوِ وَلَا مُغَيِّرَ أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَ الطَّلَاقِ الثَّانِي لَا يُؤَثِّرُ فِي الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى التَّكَلُّمِ بِالثَّانِي وَإِذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ بَانَتْ بِالْأَوَّلِ وَلَغَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ (لِفَوَاتِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ) بِحُصُولِ الْإِبَانَةِ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ (لَا لِخَلَلٍ فِي الْعِبَارَةِ) أَيْ لَا لِفَسَادٍ فِي التَّكَلُّمِ وَالْعَطْفِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَلَكِنْ مِنْ شَرْطِهِ قِيَامُ الْمَحَلِّ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَغَا ضَرُورَةً ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقَعُ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ التَّكَلُّمِ بِالثَّانِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّكَلُّمِ بِالثَّانِي يَقَعُ الْأَوَّلُ لِجَوَازِ أَنْ يُلْحِقَ بِكَلَامِهِ شَرْطًا أَوْ اسْتِثْنَاءً مُغَيِّرًا.

وَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ أَحَقُّ فَإِنَّهُ مَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يَفُوتُ الْمَحَلُّ فَلَوْ كَانَ وُقُوعُ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ بِالثَّانِي لَوَقَعَا جَمِيعًا لِوُجُودِ الْمَحَلِّ مَعَ صِحَّةِ التَّكَلُّمِ بِالثَّانِي كَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْأَمَتَيْنِ) أَيْ وَكَمَا أَنَّ عَدَمَ وُقُوعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ (لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ) لَا لِأَنَّ الْوَاوَ تُوجِبُ التَّرْتِيبَ فَكَذَا فِي نِكَاحِ الْأَمَتَيْنِ بُطْلَانُ نِكَاحِ الثَّانِيَةِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ لَا لِاقْتِضَاءِ الْوَاوِ ذَلِكَ لِأَنَّ عِتْقَ الْأُولَى يُبْطِلُ مَحَلِّيَّةَ الْوَقْفِ فِي حَقِّ الثَّانِيَةِ يَعْنِي بَعْدَمَا عَتَقَتْ الْأُولَى لَا تَبْقَى الثَّانِيَةُ مَحَلًّا لِلنِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ (لِأَنَّهُ لَا حِلَّ لِلْأَمَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْحُرَّةِ حَالَ التَّوَقُّفِ) أَرَادَ بِهِ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ أَيْ لَا تَبْقَى الْأَمَةُ مَحَلَّ النِّكَاحِ فِي مُقَابَلَةِ الْحُرَّةِ حَالَ تَوَقُّفِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ أَمَةً نِكَاحًا مَوْقُوفًا ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً نِكَاحًا نَافِذًا أَوْ مَوْقُوفًا يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَصْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ حَالَ التَّوَقُّفِ حَالُ انْضِمَامِ الْأَمَةِ إلَى الْحُرَّةِ وَالنِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ مُعْتَبَرٌ بِابْتِدَاءِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَكَانَ فِي حَقِّ مَنْ يَلْزَمُهُ حُكْمُهُ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْمُنْعَقِدِ وَالْأَمَةُ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِابْتِدَاءِ النِّكَاحِ مُنْضَمَّةً إلَى الْحُرَّةِ فَلِهَذَا بَطَلَ تَوَقُّفُ نِكَاحِ الثَّانِيَةِ بَعْدَمَا عَتَقَتْ الْأُولَى قَبْلَ الْفَرَاغِ عَنْ التَّكَلُّمِ بِعِتْقِهَا ثُمَّ لَمْ يَصِحَّ التَّدَارُكُ بَعْدَ إعْتَاقِهَا لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ فِي حَقِّ التَّوَقُّفِ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّ التَّوَقُّفِ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْمَحَلِّيَّةِ فِي حَقِّهِ لَا غَيْرُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ صَحَّ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ حُرَّةً وَلِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَتَعَرَّضُ لِلْمُقَارَنَةِ لِتَجْعَلَهُمَا كَلَامًا وَاحِدًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَعْتَقْتهمَا وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْتَقْت هَذِهِ مَعَ هَذِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَعْتَقْتهمَا.

قَوْلُهُ (فَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>