للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا التَّرَاخِي رَاجِعٌ إلَى الْوُجُودِ فَأَمَّا فِي حُكْمِ التَّكَلُّمِ فَمُتَّصِلٌ. بَيَانُهُ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوَّلُ يَقَعُ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهُ كَأَنَّهُ سَكَتَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ وَوَقَعَ الثَّانِي وَلَغَا الثَّالِثُ كَمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَتَعَلَّقْنَ جَمِيعًا وَيَنْزِلْنَ عَلَى التَّرْتِيبِ سَوَاءٌ قَدَّمَ الشَّرْطَ أَوْ أَخَّرَ وَلَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا نَزَلَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَتَعَلَّقَ الثَّالِثُ إذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ وَإِذَا قَدَّمَهُ تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ وَنَزَلَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا يَتَعَلَّقُ الْكُلُّ ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ وَقَدْ يُسْتَعَارُ ثُمَّ بِمَعْنَى وَاوِ الْعَطْفِ مَجَازًا لِلْمُجَاوَرَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: ١٧] {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: ٤٦]

ــ

[كشف الأسرار]

بِالسُّكُوتِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ التَّرَاخِي رَاجِعٌ إلَى الْوُجُودِ أَيْ يُوجَدُ مَا دَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ مُتَرَاخِيًا كَمَا فِي كَلِمَةِ بَعْدَ لَا فِي التَّكَلُّمِ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ حَقِيقَةً وَكَيْفَ يُجْعَلُ التَّكَلُّمُ مُنْفَصِلًا وَالْعَطْفُ لَا يَصِحُّ مَعَ الِانْفِصَالِ فَيَبْقَى الِاتِّصَالُ حُكْمًا مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْعَطْفِ بَيَانُهُ فِيمَنْ قَالَ إلَى آخِرِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ أَمَّا إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِكَلِمَةِ ثُمَّ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَمَّا إنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ أَوْ أَخَّرَهُ فَإِذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقَعُ الْأَوَّلُ فِي الْحَالِ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ كَأَنَّهُ سَكَتَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ لَا يَتَوَقَّفُ أَوَّلُ الْكَلَامِ عَلَى آخِرِهِ إنْ وُجِدَ الْمُغَيِّرُ فِي آخِرِهِ لِفَوَاتِ شَرْطِ التَّوَقُّفِ وَهُوَ الِاتِّصَالُ فَيَقَعُ الْأَوَّلُ فِي الْحَالِ وَتَبِينُ لَا إلَى عِدَّةٍ فَيَلْغُو مَا بَعْدَهُ ضَرُورَةً كَمَا إذَا وُجِدَ حَقِيقَةُ السُّكُوتِ.

وَإِذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ بِالشَّرْطِ وَوَقَعَ الثَّانِي لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ إذْ الْمُعَلَّقُ لَا يُتْرَكُ فِي الْمَحَلِّ وَلَغَا الثَّالِثُ لِأَنَّهَا بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَلْغُوَ الثَّانِي أَيْضًا لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ لَمَّا انْقَطَعَ عَنْ الْأَوَّلِ حَتَّى ظَهَرَ أَثَرُ الِانْقِطَاعِ فِي عَدَمِ التَّعَلُّقِ بِالشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ لَهُ شَرِكَةٌ فِيمَا تَمَّ بِهِ الْأَوَّلُ وَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ كَالْمُعَادِ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِشَرْطِ الِاتِّصَالِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فَيَبْقَى قَوْلُهُ ثُمَّ طَالِقٌ بِلَا مُبْتَدَأٍ وَلَوْ اسْتَأْنَفَ بِهِ حَقِيقَةً لَا يَقَعُ شَيْءٌ فَكَذَا إذَا صَارَ مُسْتَأْنَفًا حُكْمًا لِأَنَّا نَقُولُ صِحَّةُ الْعَطْفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاتِّصَالِ صُورَةً وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هَهُنَا فَأَمَّا التَّعَلُّقُ بِالشَّرْطِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى اتِّصَالِ الْكَلَامِ صُورَةً وَمَعْنًى وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِحَرْفِ الْفَاءِ الَّذِي يُوجِبُ الْوَصْلَ حَتَّى لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَثْبُتُ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ لَا يَتَعَلَّقُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ التَّعْلِيقَ وَهُوَ حَرْفُ الْفَاءِ وَلَكِنْ يَثْبُتُ الشَّرِكَةُ فِيمَا تَمَّ بِهِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى لِلِاتِّصَالِ صُورَةً وَيُمْكِنُ ذَلِكَ بِدُونِ الْعَاطِفِ بِأَنْ يُجْعَلَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ وَإِذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ قَدَّمَهُ تَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ مَا يَلِيهِ وَوَقَعَ الثَّانِي فِي الْحَالِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَعِنْدَهُمَا يَتَعَلَّقُ الْكُلُّ بِالشَّرْطِ فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ وَيَنْزِلْنَ عَلَى التَّرْتِيبِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ لِلْعَطْفِ بِصِفَةِ التَّرَاخِي فَلِوُجُودِ مَعْنَى الْعَطْفِ يَتَعَلَّقُ الْكُلُّ بِالشَّرْطِ وَلِمَعْنَى التَّرَاخِي يَقَعُ مُرَتَّبًا فَإِذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَيَلْغُو الثَّانِي لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ بِالْبَيْنُونَةِ قَوْلُهُ (كَمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ) يَعْنِي لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ بِالشَّرْطِ وَوَقَعَ الثَّانِي وَلَغَا الثَّالِثُ وَلَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ وَلَغَا مَا سِوَاهَا وَلَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ أَوْ أَخَّرَهُ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ لِلْحَالِ وَتَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ مَا يَلِيهِ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ فَتَصْلُحُ مَقِيسًا عَلَيْهَا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ (وَقَدْ يُسْتَعَارُ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ) وَإِذَا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِحَقِيقَةِ ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مُسْتَعَارًا لَهُ لِلْوَاوِ احْتِرَازًا عَنْ الْإِلْغَاءِ لِلْمُجَاوَرَةِ أَيْ لِلِاتِّصَالِ الَّذِي بَيْنَهُمَا فِي مَعْنَى الْعَطْفِ فَالْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْعَطْفِ وَثُمَّ لِعَطْفٍ مُقَيَّدٍ وَالْمُطْلَقُ دَاخِلٌ فِي الْمُقَيَّدِ فَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا اتِّصَالٌ مَعْنَوِيٌّ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ بِمَعْنَى الْوَاوِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>