. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[كشف الأسرار]
قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ جَازَ عِنْدَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةٍ سَبَبٌ تَامٌّ لِإِيجَابِ الْعَشَرَةِ فِي الْحَالِ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْطَ أَخَّرَ وُجُوبَ الْأَدَاءِ إلَى زَمَانِ وُجُودِهِ فَإِذَا أَدَّى قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَانَ الْأَدَاءُ وَاقِعًا بَعْدَ وُجُوبِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ فَيَجُوزُ.
وَجُوِّزَ تَعْجِيلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَعْنِي الْكَفَّارَةَ بِالْمَالِ بِأَنْ أَعْتَقَ قَبْلَ الْحِنْثِ رَقَبَةً عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ أَطْعَمَ أَوْ كَسَا عَشَرَةَ مَسَاكِينَ جَازَ عِنْدَهُ وَيُخْرِجُ عَنْ عُهْدَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْيَمِينَ سَبَبٌ لِلْكَفَّارَةِ وَلِهَذَا تُضَافُ الْكَفَّارَةُ إلَيْهَا فَيُقَالُ: كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إلَّا أَنَّ الْحِنْثَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ أَدَائِهَا فَكَانَ التَّعْلِيقُ بِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: ٨٩] أَيْ حَلَفْتُمْ وَحَنِثْتُمْ مُؤَخِّرًا لِلْحُكْمِ إلَى حِينِ وُجُودِهِ بِمَنْزِلَةِ التَّأْجِيلِ فَلَا يُمْنَعُ جَوَازُ التَّعْجِيلِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ بَعْدَ سَبَبٍ قَبْلَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ جَائِزٌ كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] أَيْ وَمَنْ لَمْ يَمْلِكْ زِيَادَةً فِي الْمَالِ يَمْلِكُ بِهَا نِكَاحَ الْحُرَّةِ {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] أَيْ فَلْيَنْكِحْ مَمْلُوكَةً مِنْ الْإِمَاءِ الْمُسْلِمَاتِ وَالطَّوْلُ الْفَضْلُ وَالْفَتَاةُ الْأَمَةُ فَإِنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ عُلِّقَ بِعَدَمِ طَوْلِ الْحُرَّةِ فَتَوَجَّبَ الْجَوَازُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ بِمَنْظُومِهِ وَالْفَسَادُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ وُجُودُ الطَّوْلِ بِمَفْهُومِهِ وَكَذَلِكَ وُصِفَتْ الْفَتَيَاتُ بِالْمُؤْمِنَاتِ فَيُوجَبُ الْجَوَازُ عِنْدَ وُجُودِ هَذِهِ الصِّفَةِ وَالْعَدَمُ عِنْدَ عَدَمِهَا فَعِنْدَ وُجُودِ الطَّوْلِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَصْلًا وَعِنْدَ عَدَمِهِ يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ دُونَ الْكَافِرَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ نِكَاحِ الْأَمَةِ مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ بِعَدَمِ الطَّوْلِ وَبِصِفَةِ الْإِيمَانِ فَيَثْبُتُ عِنْدَ وُجُودِهِمَا وَيَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا وَرَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّ جَوَازَ نِكَاحِ الْأَمَةِ عِنْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ سِوَى الشَّرْطِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْحُرَّةِ تَحْتَهُ وَهِيَ عَدَمُ الطَّوْلِ لِلْحُرَّةِ وَكَوْنُ الْأَمَةِ مُؤْمِنَةً.
وَخَشْيَةُ الْعَنَتِ وَهُوَ الزِّنَا وَأَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ أَمَةٌ أُخْرَى بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ لِأَنَّ جَوَازَ نِكَاحِ الْأَمَةِ عِنْدَهُ ضَرُورِيٌّ وَهِيَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ هَذِهِ الشَّرَائِطِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ حَيْثُ جَعَلَ طَوْلَ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مَانِعًا مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ كَطَوْلِ الْحُرَّةِ الْمُؤْمِنَةِ وَمَفْهُومُهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ طَوْلُ الْكِتَابِيَّةِ مَانِعًا إذْ لَوْ كَانَ مَانِعًا لَمَا كَانَ لِقَيْدِ الْإِيمَانِ فَائِدَةٌ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْعَمَلُ بِالْمَفْهُومِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ دَلِيلٌ آخَرُ وَقَدْ عَارَضَهُ هَاهُنَا فَإِنَّ صِيَانَةَ الْجُزْءِ عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ وَقَدْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِنِكَاحِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ رِعَايَةِ وَصْفِ الْإِيمَانِ فِي الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا فَلَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِالْمَفْهُومِ وَذَكَرَ عَبْدُ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيُّ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْوَاجِدَ لِطَوْلِ حُرَّةٍ ذِمِّيَّةٍ وَاجِدٌ لِطَوْلِ حُرَّةٍ مُؤْمِنَةٍ عِنْدَنَا فَلِذَلِكَ مَنَعْنَاهُ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ: إذَا وَجَدَ طَوْلَ ذِمِّيَّةٍ وَلَمْ يَجِدْ مُؤْمِنَةً تَرْضَى مِنْهُ بِذَلِكَ الطَّوْلِ كَانَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَالَ: وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَذَكَرَ فِي التَّهْذِيبِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ كِتَابِيَّةٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] وَهَذَا غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى طَوْلِ حُرَّةٍ مُؤْمِنَةٍ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي نِكَاحِهِ حُرَّةً ذِمِّيَّةً لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَذَكَرَ فِي الْإِيمَانِ فِي الْمُحْصَنَاتِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ بَلْ ذَكَرَهُ تَشْرِيفًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute