للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ مِمَّنْ اُبْتُلِيَ بِذَهَابِ الْبَصَرِ، وَقَبُولُ رِوَايَةِ النِّسَاءِ وَالْعَبْدِ وَرُجُوعُهُمْ إلَى قَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَقَبُولُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَبَرَ بَرِيرَةَ وَسَلْمَانَ وَغَيْرَهُمَا - وَاَللَّهُ أَعْلَم - أَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ

ــ

[كشف الأسرار]

«تَأْخُذُونَ ثُلُثَيْ دِينِكُمْ مِنْ عَائِشَةَ» وَقَدْ كَانَتْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ رَأْيًا وَرِوَايَةً وَقَدْ صَحَّ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ فَدَلَّ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَمِدُ خَبَرَهُ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ وَسَلْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ كَانَ عَبْدًا أَتَاهُ بِصَدَقَةٍ فَاعْتَمَدَ خَبَرَهُ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْأَكْلِ ثُمَّ أَتَى بِهَدِيَّةٍ فَاعْتَمَدَ خَبَرَهُ وَأَكَلَ مِنْهُ، وَكَانَ يَعْتَمِدُ خَبَرَ بَرِيرَةَ قَبْلَ أَنْ تَعْتِقَ وَبَعْدَ عِتْقِهَا وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَوَالِي نَقَلُوا أَخْبَارًا وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ مِنْ غَيْرِ تَفَحُّصٍ عَنْ التَّارِيخِ مِثْلُ نَافِعٍ وَسَالِمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَدَلَّ أَنَّ الْأَعْمَى وَالْمَمْلُوكَ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْبَصِيرِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ، ثُمَّ الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَيْسَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكَذِبِهِ بِالنَّصِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: ١٣] .

وَالْمَحْكُومُ بِالْكَذِبِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى التَّعَاطِي لَا يَكُونُ عَدْلًا مُطْلَقًا وَمِنْ شَرْطِ كَوْنِ الْخَبَرِ حُجَّةً الْعَدَالَةُ مُطْلَقَةً وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ رِوَايَتُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ مَقْبُولَةٌ فَإِنَّ أَبَا بِكْرَةَ مَقْبُولُ الْخَبَرِ وَلَمْ يَشْتَغِلْ أَحَدٌ بِطَلَبِ التَّارِيخِ فِي خَبَرِهِ أَنَّهُ رَوَى بَعْدَمَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَمْ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّ رَدَّ شَهَادَتِهِ مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ وَرِوَايَةُ الْخَبَرِ لَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ ثُمَّ التَّائِبُ مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَالْكَذِبِ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ إلَّا التَّائِبَ مِنْ الْكَذِبِ مُعْتَمِدًا فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَبَدًا، وَإِنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَرْحِهِ لِرِسَالَةِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَسْقَطْنَا خَبَرَهُ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ بِكَذِبٍ وَجَدْنَاهُ عَلَيْهِ لَمْ نَعُدْ لِقَبُولِهِ بِتَوْبَةٍ تَظْهَرُ وَمَنْ ضَعَّفْنَا نَقْلَهُ لَمْ نَجْعَلْهُ قَوِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا افْتَرَقَتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ وَذَكَرَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ أَنَّ مَنْ كَذَبَ فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ وَجَبَ إسْقَاطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو فِي كِتَابِ مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ عِلْمِ الْحَدِيثِ، قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ أَيْ مِنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِ بَابِ أَقْسَامِ السُّنَّةِ بَابُ بَيَانِ قِسْمِ الِانْقِطَاعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>