للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[كشف الأسرار]

فَقَالَ وَعَلَامَتُهُ أَيْ عَلَامَةُ الْمُقْتَضَى أَنْ يَصِحَّ بِهِ أَيْ بِالْمُقْتَضَى الْمَذْكُورِ أَيْ يَصِيرَ مُفِيدًا لِمَعْنَاهُ، وَمُوجِبًا لِمَا تَنَاوَلَهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يُلْغَى عِنْدَ ظُهُورِهِ أَيْ لَا يَتَغَيَّرُ ظَاهِرُ الْكَلَامِ عَنْ حَالِهِ وَإِعْرَابُهُ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِهِ كَذَا قِيلَ بَلْ يَبْقَى كَمَا كَانَ قَبْلَهُ، وَيَصْلُحَ بِنَصْبِ الْحَاءِ أَيْ الْمَذْكُورُ لَمَّا أُرِيدَ بِهِ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ لَا يَتَغَيَّرُ مَعْنَاهُ أَيْضًا، وَبِمَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْذُوفِ؛ لِأَنَّ بِالْمَحْذُوفِ؛ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ الْمَذْكُورُ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يَتَغَيَّرُ بِهِ ظَاهِرُ الْكَلَامِ عَنْ حَالِهِ وَإِعْرَابُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] وَرُبَّمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَكِنَّهُ لَا يَبْقَى صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ لِتَغَيُّرِ مَعْنَاهُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَأَخْبَرَ الْمَوْلَى فَقَالَ طَلِّقْهَا لَا يُثْبِتُ الْإِجَازَةَ اقْتِضَاءً؛ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ الْمَذْكُورُ بِهِ وَلَا يَتَغَيَّرُ ظَاهِرُهُ عَنْ حَالِهِ لَكِنَّهُ لَا يَبْقَى صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ حَالِ الْعَبْدِ، وَهُوَ تَمَرُّدُهُ عَلَى مَوْلَاهُ بِهَذَا التَّزَوُّجِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَرَضَ الْمَوْلَى رَدُّ الْعَقْدِ وَالْمُتَارَكَةُ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى طَلَاقًا لَا إبْقَاءُ النِّكَاحِ وَأَنَّهُ فِي وِلَايَتِهِ فَيَصِحُّ الْأَمْرُ فَلَوْ ثَبَتَتْ الْإِجَازَةُ اقْتِضَاءً لَمْ يَبْقَ قَوْلُهُ طَلِّقْهَا صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ.

وَهُوَ إيجَابُ الْمُتَارَكَةِ بَلْ يَصِيرُ أَمْرًا لِلْعَبْدِ بِالطَّلَاقِ وَلَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَالَ: طَلِّقْهَا حَيْثُ يَثْبُتُ الْإِجَازَةُ اقْتِضَاءً؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى الْكَلَامُ صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّطْلِيقَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَمَا كَانَ يَمْلِكُهُ قَبْلَهَا فَيَمْلِكُ الْأَمْرَ بِهِ أَيْضًا؛ وَإِنْ قُرِئَ وَلَا يَصْلُحُ بِالرَّفْعِ وَيُجْعَلُ الضَّمِيرُ عَائِدًا إلَى الْمُقْتَضَى مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ انْتِشَارُ الضَّمِيرِ فَمَعْنَاهُ وَيَصْلُحُ الْمُقْتَضَى لِمَا أُرِيدَ بِهِ مِنْ تَصْحِيحِ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُمْكِنَ إثْبَاتُهُ تَبَعًا لِلْمُقْتَضَى، قَالَ أَبُو الْيُسْرِ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - الشَّيْءُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ إذَا كَانَ تَابِعًا لِلْمُصَرِّحِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى يَصِيرَ تَابِعًا لِلْمُصَرِّحِ فِي الثُّبُوتِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَابِعًا فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى يَصْلُحَ أَنْ يَصِيرَ تَابِعًا لَهُ فِي الثُّبُوتِ أَوْ يَكُونَ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لَهُ أَلْبَتَّةَ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَدُك طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَقْتَضِي ذِكْرُ الْيَدِ ذِكْرَ النَّفْسِ؛ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ لَا يَقَعُ عَلَى الْيَدِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ عَلَى النَّفْسِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ أَصْلُ الْيَدِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَصِيرَ تَابِعَةً لَهَا فِي الذِّكْرِ وَالثُّبُوتِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَصِيرَ الْأَصْلُ تَبَعًا وَالتَّبَعُ أَصْلًا، وَكَذَا حُكْمُ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّ عِنْدَهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْيَدِ بِطَرِيقٍ آخَرَ؛ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي عُمُومِهِ، هَذَا لَفْظُهُ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ كَفِّرْ بِهَذَا الْعَبْدِ عَنْ يَمِينِك لَا يَثْبُتُ الْإِعْتَاقُ اقْتِضَاءً؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الْإِعْتَاقِ أَصْلٌ لِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا تَثْبُتُ تَبَعًا.

وَكَذَلِكَ قُلْنَا إنَّ الْكُفَّارَ لَا يُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ إذْ لَوْ خُوطِبُوا بِهَا لَثَبَتَ الْإِيمَانُ مُقْتَضًى تَبَعًا لَهَا وَلَا يَصِحُّ إذْ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ تَبَعٌ لِلْإِيمَانِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِي دَعْوَى الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّك أَخِي لِأَبِي وَأُمِّي؛ فَإِنْ كَانَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا صَحَّتْ الدَّعْوَى، وَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ حَقٌّ يُبْتَنَى عَلَى الْبُنُوَّةِ عَلَى الْغَائِبِ، وَذَلِكَ أَصْلٌ وَهَذَا تَابِعٌ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ مُقْتَضَى هَذَا فَبَقِيَ هَذَا حَقًّا عَلَى غَائِبٍ فَلَمْ يُسْمَعْ؛ فَإِنْ ادَّعَى حَقًّا مَقْصُودًا صَارَتْ الْأُخُوَّةُ وَالْبُنُوَّةُ مُقْتَضَاهُ وَتَبَعًا لَهُ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِهِ غَيْرَ مُقْتَضًى

<<  <  ج: ص:  >  >>