للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو المقصود بقوله - عز وجل -: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ (خَلِيفَةً} البقرة/٣٠.

ويستدلون على أفضليته - صلى الله عليه وسلم - على سائر الأنبياء، بالحديث القدسي الذي يقول فيه تعالى لآدم - صلى الله عليه وسلم - عندما استغفر ربَّه بعد أكله من الشجرة حيث سأل ربه أن يغفر له واستشفع بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فسأله ربه - وهو أعلم -: «وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيَّ من رُوحك رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائم العرش: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحبَّ الخلق إليك. فقال الله: صدقت يا آدم إنه لأَحبُّ الخلق إليَّ، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك» (١).

ومما يدل على أفضليته - صلى الله عليه وسلم - على سائر الأنبياء، ما أخذه الله من العهد على سائر الأنبياء إنْ جاءهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتَّبعوه وينصروه قال - عز وجل -: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} آل عمران/٨١.

واستدلوا بالأثر: «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر» (٢).

وكان استعمال بعض فقهاء الحنفيَّة دارجاً على وصف الخليفة، أو الإنسان العادي بأنَّه خليفة الله، فها هو ابن عابدين وهو من الفقهاء المتأخرين يصف الخليفة


(١) رواه الحاكم في مستدركه: ٢/ ٦٧٢ رقم (٤٢٢٨) عن عمر بن الخطاب وقال: صحيح الإسناد.
(٢) قال العجلوني في كشف الخفاء: ١/ ٣١١ رقم (٨٢٧): الحديث رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله بلفظ: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء؟ قال: «يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره». ولم أجده في مصنف عبد الرزاق كما قال. ولكن له شاهد من حديث ميسرة الفجر أخرجه الحاكم في مستدركه: ٢/ ٦٦٥ بلفظ: «متى كنت نبياً؟ قال: وآدم بين الروح والجسد» وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وفي لفظ: «مُنْجَدِلٌ في طينته». ورواه أحمد في مسنده: ٢٧/ ١٧٦ رقم (١٦٦٢٣) عن رجل قال محقق الكتاب: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح وصحابيه هو ميسرة الفجر. و: ٣٤/ ٢٠٢ رقم (٢٠٥٩٦) عن ميسرة الفجر بلفظ: يا رسول الله متى كتبت نبياً؟ قال: ... «وآدم - عليه السلام - بين الروح والجسد» قال محقق الكتاب: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح. وقال في مجمع الزوائد ٨/ ٢٢٣ باب قدم نبوته - صلى الله عليه وسلم -: رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح. وفي سنن الترمذي: ٥/ ٥٨٥ كتاب المناقب عن رسول الله، باب في فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (٣٦٠٩) عن أبي هريرة وقال: حسن صحيح غريب. ورواه البخاري في التاريخ الكبير: ٧/ ٣٧٤ باب ميسرة رقم (١٦٠٦).

<<  <   >  >>