للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا تعلم أن "السِّيمَا" وإن كانت مما يجوز فيه القصر والمد -حتى في قولى تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: ٢٩]- فإِنه قُرِئ بالمدِّ كما في (البيضاوى) (١). لكن تعيَّن القصر في قول (البُرْدة):

شَاكِى السِّلاحِ لَهُمْ سِيما تُمَيّزْهُمْ ... والوَرْدُ يَمْتَازُ بالسِّيمَا عَنِ السَّلَمِ (٢)

فكانت حقه أَن يُكتب بالياء.

وثالثها: أن يكون الفعل جاء في لغة أخرى واويًا، أو يكون أصله مهموزًا وجاء في لغة أخرى معتلًّا، أو أُجْرِى مجرى المعتل، مثل "نَما" و"بَدا" و"قَرا" و"أَخْطا" "وهَدَا"، فإِن هناك لغة تقول "نَما ينمو"، و"بَدَيْتُ" و"قَرَيْتُ" و"أَخْطَيْتُ" و"هَدَيْتُ". وكذا "تَبَرَّا" و"تَوَضَّا" في لغة تقول "تَبَرَّيْتُ" و"تَوَضَّيْتُ"، وعليها جاء المصدر "التَّبِرّى" و"التَّوَضِّى" ونظائرهما كما سبق في فصل الهمزة (٣).

فعلى هذه اللغة يكون الفعل يائيًا، أو مُجرى كالمعتل على غيرها.

وأما على التسهيل فيكون مهموزًا مُسهَّلًا يُكتب بالألف، نظرًا لأصلها الهمزة كما أشار إِليه الصبان (٤). في الكلام على قوله:

*كَأَن لم تَرَا قَبْلِى أَسِيرًا يَمَانيًا (٥) *


(١) تفسير البيضاوى جـ٤ ص ٨٥. وسبق التعريف بالبيضاوى ص (٦٢).
(٢) ديوان البوصيرى ص ٢٤٧، من قصيدته المعروفة بالبردة. والسَّلَم: نوع من الشجر ليس له خشب وإن عظُم (اللسان - سلم).
(٣) راجع ص ٢٠٦.
(٤) تقدمت ترجمته ص ١١٥.
(٥) حاشية الصبان على شرح الأشمونى جـ١ ص ١٠٢ - ١٠٣. وتمامه:
وتَضْحَكُ مني شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ ... كأَن لم تَرا قَبْلى أَسيرًا يَمَانِيَا
والبيت لعبد يغوث بن وقاص -من بحر الطويل. انظر الجمل للزجاجى ص ٢٥٧، شرح المفصل لابن يعيش جـ ٥ ص ٩٧، جـ٩ ص ١١١، الأمالى لأبي على القالى جـ ٣ ص ١٣٢، شرح الأشمونى على الألفية جـ١ ص ١٠٣. قال الصبان: "شيخة عَبْشَميَّة: عجوز منسوبة إِلى عبد شمس. ويمانيا: أصله يمنيًا، حذفت إِحدى ياءى النسب وعوض عنها الألف".

<<  <   >  >>