للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الأفق الذي لا تدَّعى قوادمُ السوابق من الطير فيه الثبات، وهذا أفق نَصْرىّ لا تستطيع مطاولته الأفهام، وتلك عصَا قومٍ متى ألقيت تَلْقَف ما يأفك عِصِىّ الأقلام.

وكيف لا وهو الذي بلغ برقائق الفصاحة ودقائق البلاغة أرفع الدرج، ولم يزل صدره بحر الفضائل، فحدِّثْ عن البحر ولا حرج، نحا نحو "تهذيب التحرير" فقَرَّ به عينًا. وشرح صدرًا. وتشاجرت على لفظه الأمثلة، فلا بدع إِذا ضرب زيدٌ عمْرًا.

كان روض هذا الفن الجليل قبله يَبَسًا فمن غُدْران (١). فضله ارتوى، وسرى في عوده روح اليُنُوع فاهتز بعد أن كان ذَوَى.

فأبقى الله مؤلفَه أبا الوفا، وأدامه ممر الجديدين مجتنى ثمر الصفا, ولا برح متمكنًا من الآداب تمكُّنَ من حَسُن له فيها مبتدأ وخبر، وزاد بيانه سحرًا حتى يقال هذه ثغور الغوانى إِذا نَظم، وهذه نجوم الدرارى إِذا نَثَر، بجاه خير الأنام، خاتم رسل الله عليه أفضل الصلاة وأتم السلام (٢).

قاله بفَمِه ورَقَمه بقلمه عبد الهادي نجا الأبيارى، حفظه الله بلطفه السارى.


(١) غُدْران: جمع "غدير" وهو القطعة من الماء يغادرها السيل "مختار الصحاح - غدر".
(٢) هذا توسل غير مشروع، راجع ما كتبناه عن ذلك أول الكتاب ص ٣١.

<<  <   >  >>