وفضله في الدعوة الإسلامية، وتحبيب السيرة إلى نفوس القراء، وتقريبها إلى أذهان الناشئة.
وكان يرى السعادة في تأليف كتاب جديد في السّيرة النبوية لينخرط في سلك المؤلّفين النورانيّ في هذا الموضوع الحبيب الجليل.
ولكنّه كان يتهيّب الكتابة في هذا الموضوع في توسّع وتفصيل، لضيق وقته، وضعف بصره، ولأنه جرّب أن كتاب سيرة لعظيم من العظماء فضلا عن نبيّ من الأنبياء، فضلا عن سيّد الأولين والآخرين، وأشرف المرسلين، من أصعب الموضوعات التي يعالجها المؤلّفون وأدقّها، وقد مارس موضوع تأليف السّير والتراجم للشخصيات المشهورة وأعلام المسلمين من القدماء والمحدثين والمعاصرين عمليا، فقد اشتغل بكتابة السّير وحياة العظماء من أئمّة المسلمين وقادتهم، والمصلحين والعلماء الربّانيّين، بعد ما شبّ عن الطوق، وأمسك القلم، وعرف الكتابة، وقد كتب بقلمه آلافا من الصفحات في سيرة هؤلاء العظماء، وعاش بين التراجم والسّير منذ الصغر، فقرأ منها الكثير وكتب منها الكثير «١» .
ومن هنا عرف دقّة هذا الموضوع، وضخامة هذه المسؤولية، فمن المؤلّفين من تتغلّب عليه نزعة أو اتجاه خاصّ، فيخضع له من يترجمه من حيث يشعر ومن حيث لا يشعر، فتأتي كتابته صورة لعقليته وعاطفته،
(١) [ومن تلكم الكتب- فضلا عن السيرة النبوية هذه- «المرتضى» في سيرة أمير المؤمنين سيدنا أبي الحسن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكرّم وجهه، طبع في دار القلم بدمشق و «رجال الفكر والدّعوة في الإسلام» في أربعة أجزاء؛ طبع أخيرا في دار ابن كثير بدمشق، وعشرات من المقالات في سيرة الأئمّة المصلحين والعلماء الربانيّين من القدماء والمعاصرين، فقد جمعناها في كتاب مستقلّ، ونشرناها بعنوان «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» في سلسلة «تراث العلامة الندوي» صدر في دار ابن كثير بدمشق] .