كلّه، وأبطله، وأوصاهم بالنساء خيرا، وذكر الحقّ الذي لهنّ وعليهنّ، وأنّ الواجب لهنّ الرزق والكسوة بالمعروف.
وأوصى الأمّة فيها بالاعتصام بكتاب الله، وأخبر أنّهم لن يضلّوا ما داموا معتصمين به، ثم أخبر أنّهم مسؤولون عنه، واستنطقهم بماذا يقولون وبماذا يشهدون؟ قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت وأدّيت ونصحت، فرفع إصبعه إلى السّماء واستشهد الله عليهم ثلاث مرّات، وأمرهم أن يبلّغ شاهدهم غائبهم، فلمّا أتمّ الخطبة، أمر بلالا فأذّن ثم أقام الصلاة، فصلّى الظهر ركعتين، ثمّ أقام فصلّى العصر ركعتين أيضا، وكان يوم الجمعة.
فلمّا فرغ من صلاته ركب حتّى أتى الموقف، فوقف وكان على بعيره، فأخذ في الدعاء والتضرّع والابتهال إلى غروب الشمس، وكان في دعائه رافعا يديه إلى صدره، كاستطعام المسكين، يقول فيهم:«اللهمّ! إنّك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سرّي وعلانيتي، لا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، والوجل المشفق، المقرّ المعترف بذنوبي، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذّليل، وأدعوك دعاء الخائف الضّرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذلّ جسده، ورغم أنفه لك، اللهمّ! لا تجعلني بدعائك ربّ شقيّا، وكن لي رؤوفا رحيما، يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين»«١» .
(١) [أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ١٧٤) برقم (١١٤٠٥) ، والصغير (٢/ ١٥) ، برقم (٦٩٦) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفي إسناده يحيى بن صالح الأيلي، روي عنه مناكير] .