للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأردف أسامة بن زيد خلفه، وأفاض بالسكينة، وضمّ إليه زمام ناقته، حتّى إنّ رأسها ليصيب طرف رحله، وهو يقول: «أيّها الناس، عليكم بالسّكينة» «١» .

وكان يلبّي في مسيره ذلك، لا يقطع التلبية حتّى أتى المزدلفة، وأمر المؤذّن بالأذان فأذّن، ثمّ أقام، فصلّى المغرب قبل حطّ الرحال وتبريك الجمال، فلمّا حطّوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة، ثمّ صلّى العشاء، ثمّ نام، حتّى أصبح.

فلمّا طلع الفجر صلّاها في أوّل الوقت، ثمّ ركب حتّى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، وأخذ في الدعاء والتضرّع، والتكبير والتهليل والذكر، حتّى أسفر جدا، وذلك قبل طلوع الشمس.

ثمّ سار من مزدلفة، مردفا للفضل بن عباس، وهو يلبّي في مسيره، وأمر ابن عباس أن يلتقط له حصى الجمار سبع حصيات، فلمّا أتى بطن محسّر حرّك ناقته، وأسرع السير، فإنّ هنالك أصاب أصحاب الفيل العذاب، حتّى أتى منى، فأتى جمرة العقبة، فرماها راكبا بعد طلوع الشمس، وقطع التلبية.

ثمّ رجع إلى منى، فخطب الناس خطبة بليغة، أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وتحريمه، وفضله عند الله، وحرمة مكّة على جميع البلاد، وأمر


(١) [أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة عند الإفاضة..، برقم (١٦٧١) ، ومسلم في كتاب الحج، باب استحباب إدامة الحاج التلبية..، برقم (١٢٨٢) ، وأبو داود في كتاب المناسك، باب الدفعة من عرفة، برقم (١٩٢٠) ، والنّسائي في مناسك الحج، باب فرض الوقوف بعرفة، برقم (٣٠٢١) ، وأحمد في المسند (٥/ ٢٠١) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه] .

<<  <   >  >>