للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يغور، وعين أو قناة ينقطع ماؤها؟

فقال له كسرى: يا ذا الكلفة المشؤوم! من أيّ طبقات النّاس أنت؟

قال: أنا رجل من الكتّاب.

فقال كسرى: اضربوه بالدّويّ «١» حتّى يموت، فضربه بها الكتّاب خاصة تبرّؤا منهم إلى كسرى من رأيه وما جاء منه، حتى قتلوه، وقال الناس: نحن راضون أيها الملك بما أنت ملزمنا من خراج» «٢» .

ولم يكن الرّومان يختلفون عن الإيرانيّين كثيرا، وإن لم يبلغوا شأوهم في الوقاحة وامتهان الإنسانية وإهدار كرامتها، فقد روى المؤرّخ الأوربيّ) Victor Chopart (في كتابه «العالم الرومانيّ» ما ترجمته:

«كانت القياصرة آلهة، ولم يكن ذلك عن طريق الوراثة، بل كان كلّ من تملّك زمام البلاد كان إلها، وإن لم تكن هناك أمارة تدلّ على وصوله إلى هذه الدّرجة، ولم يكن لقب «أغسطس Augustus «الملوكيّ المفخم ينتقل من إمبراطور إلى إمبراطور بموجب دستور أو قانون، ولكن لم يكن من شغل مجلس الشيوخ الرّومانيّ إلا أن يؤكّد صحة كلّ حكم يصدر بحدّ السيف، ولم تكن هذه الإمبراطورية إلا صورة لدكتاتورية عسكرية» «٣» .

ولم يكن السّجود للملوك نادرا، فقد حكى أبو سفيان بن حرب في القصّة التي رواها عن هرقل قيصر الرّوم حين بلغه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه فيه إلى الإسلام، وقد جاء في آخر هذه القصّة:


(١) الدواة، جمعها: دوى ودويّ ودويّ (اللسان: دوا) .
(٢) تاريخ الطبري: ج ٢، ص ١٢١- ١٢٢، وروى القصة بطولها مؤلّف كتاب «إيران في عهد الساسانيين» نقلا عن الطبري.
The Roman World) London ,٨٢٩١ (p. ٨١٤. (٣)

<<  <   >  >>