للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«فلمّا رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردّوهم عليّ، وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدّتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل» «١» .

أمّا الهند فقد بلغ فيها إهدار كرامة الإنسان، وازدراء الطبقات التي اعتبرها الشعب الآريّ المحتلّ للبلاد، والقانون المدنيّ الذي وضعه مشرّعوه، مخلوقا خسيسا لا يتميّز عن الحيوان الدّاجن إلا بأنّه يمشي على اثنين، ويحمل صورة الآدميّ، وإنّ كانوا سكّان البلاد الأصليّين، مبلغا يصعب تصوّره، فقد نصّ هذا القانون على أنّه: «إذا مدّ أحد من المنبوذين إلى برهميّ يدا أو عصا، ليبطش به، قطعت يده، وإذا رفسه في غضب فدعت رجله «٢» وإذا ادّعى أنّه يعلمه سقي زيتا فائرا «٣» ، وكفّارة قتل الكلب، والقطّة، والضّفدع، والوزغ، والغراب، والبومة، ورجل من الطبقة المنبوذة سواء» «٤» .

إذا قورن ذلك بما اعتاده العرب من الحريّة، وعزّة النفس، والاقتصاد في التعظيم والأدب قبل ظهور الإسلام، ظهر فرق هائل بين طبيعة الأمّتين، ووضع المجتمعين: العجميّ والعربيّ، فكانوا يخاطبون ملوكهم بقولهم:


(١) [أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب كيف كان بدء الوحي ... برقم (٧) ، ومسلم في كتاب الجهاد والسّير، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ... برقم (١٧٧٣) ، والترمذي في أبواب الاستئذان، برقم (٢٧١٧) ، وأبو داود في كتاب الأدب، باب كيف يكتب إلى الذمي، برقم (٥١٣٦) ، وأحمد: (١/ ٢٦٣) ، والبيهقي في السنن: (٩/ ١٧٧) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما] .
(٢) منو شاستر: الباب العاشر.
(٣) المصدر السابق.
.R.C.Dutt ,Ancient India ,p. ٤٢٣ -٣٤٣ (٤)

<<  <   >  >>