للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلم والعالم شئ واحد، والمريد والإرداة شئ واحد. فجعلوا هذه الصفة هي الأخرى، وجعلوا الصفات هي الموصوف.

ومنهم من يقول: بل العلم هو المعلوم، كما يقوله الطوسي صاحب شرح الإشارات، فغنه أنكر على ابن سينا إثباته لعلمه بنفسه وما يصدر عن نفسه. وابن سينا أقرب إلى الصواب، لكنه تناقض مع ذلك حيث نفى قيام الصفات به، وجعل الصفة عين الموصوف، وكل صفة هي الأخرى. ولهذا كان هؤلاء هم أوغل في الاتحاد والإلحاد ممن يقول: معاني الكلام شئ واحد، لكنهم ألزموا قولهم لأولئك فقالوا: إذ جاز المعاني المتعددة شيئاً واحداً جاز أن يكون العلم هو القدرة هي الإرادة. فاعترف حذاق أولئك بان هذا الإلزام لا جواب عنه.

ثم قالوا: وإذ جاز أن تكون هذه الصفة هي الأخرى جاز أن تكون الصفة هي الموصوف.

فجاء ابن عربي وابن سبعين والقونوى ونحوهم من الملحدة فقالوا: إذا جاز أن تكون هذه الصفة هي الاخرى، والصفة هي الموصوف جاز أن يكون الموجود الواجب القديم الخالق هو الموجود الممكن المحدث المخلوق، فقالوا: إن وجود كل مخلوق هو وجود الخالق. وقالوا: الوجود واحد، ولم يفرقوا بين الواحد بالنوع والواحد بالعين، كما لم يفرق أولئك بين الكلام الواحد بالعين والكلام الواحد بالنوع.

وكان منتهى أمر أهل الإلحاد في الكلام إلى هذا التعطيل والكفر والاتحاد الذى قاله أهل الوحدة والحلول والاتحاد في الخالق والمخلوقات، كما أن الذين لم يفرقوا بين نوع الكلام وعينه، وقالوا: هو يتكلم بحرف وصوت قديم. قالوا: أولاً إنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته. ولا تسبق الباء السين، بل لما نادى موسى فقال: {أننى أنا الله لا إله إلا أنا فأعبدني} [طه ١٤] ،

<<  <   >  >>